إستقطاعات رواتب الموظفين والمتقاعدين

 

تتوالى الاستقطاعات التراكمية في رواتب وأجور الموظفين والمتقاعدين ، والتي كانت بالأمس القريب مجرد تكهنات و إشاعات، أصبحت اليوم حقيقة واقعة ، حتى وصلت إلى أعلى مدياتها ومستوياتها في هـذا الشهر، الأمر الذي أثار انزعاجا كبيرا واستياء شديدا بين عموم هـذه الشريحة من العاملين في السلك الوظيفي الحكومي، وأخذت أصابع الاتهام تتوجه إلى المسؤولين في الحكومة ، الذي صرح العديد منهم مرارا وتكرارا  في أوقات ومناسبات سابقة بعدم المساس بأجور و رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وان صمت الحكومة يعني الموافقة ، وأحيانا الرفض أو عدم الاكتراث بما يجري وهو الاحتمال المناسب على ما أظن. إن تلك المبالغ المالية الضخمة المتدفقة التي تـم استقطاعها، وإعادتها ثانية إلى حساب خزينة الدولة تحت عناوين ومسميات شتى، نعتقد جازمين إنها لاتؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الأغراض التي  تصبو إليها الحكومة من الناحية العملية بزعم السيطرة على شحة السيولة النقدية في البلاد ، وبالتالي نأمل جادين أن يـتـم استثمارها  أو توظيفها أو إنفاقها على نحو تشغيلي مثالي وعلى فترات زمنية قياسية محسوبة بدقة متناهية ، وذلك لان ثمة عشوائية نسبية  واضحة و متباينة في اغلب القرارات المتعلقة ببنود وفقرات الميزانية الحكومية ، فضلا عن إدارة رؤوس الأموال بلغة الأرقام الدقيقة التي توصل إلى نتائج ملموسة في تحديد الاحتياجات وتلبي المتطلبات التي يعـتـد بها في القرارات الاقتصادية والتنموية والتنبوء بتطوراتها واتجاهاتها المستقبلية بالاعتماد الأساسي على مبدأ التخطيط الذي يسد الفجوة بين الواقع والمستقبل، و لابـد من التنويه والتذكير إلى أن نقص السيولة ناتج أصلا عن عدم اعتماد آليات وبرامج تخطيط السيولة النقدية وحجمها في الموارد النقدية للوقوف على كيفية مواجهتها .إن الحكومة اليوم مطالبة وبالذات أصحاب القرار التوضيح والإفصاح عن ماهية ابرز المفاصل والميادين والنشاطات التي سوف يتم تمويلها بتلك الاستقطاعات ، من اجل النهوض والارتقاء بمستويات المشاريع الإنمائية بالـقـدر الذي يسهم في إلقاء الضوء على مؤشرات واتجاهات تحقيق وتوليد موارد اقتصادية جديدة و ربحية مضاعفة تتناسب والحاجة الفعلية الماسة المؤثرة في استخدام الطاقات الإنتاجية في البلاد، إن هـذا الأمر هـو جزء من تسديد الالتزامات الموضوعية والأخلاقية التي تقع على عاتق الحكومة تجاه الشعب ، لاسيما بعد أن أدى الشعب كامل الواجبات المطلوبة تجاه قرارات حكومته المنتخبة ، لترسيخ علاقة ايجابية مقنعة و مصداقية عالية جديرة بالثقة المتبادلة ذات النوايا الحسنة، لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية  ضمن جهود وبرامج الانطلاق نحو سياسات وبرامج الإصلاحات التي سبق أن أعلنت عنها الحكومة، بضمنها إجراءات خفض النفقات إلى الحد الأدنى بأسلوب سليم يقلل من مديات الإسراف و التبذير بما يؤدي إلى الاستخدام الأمثل للموارد المالية والبشرية المتاحة.