الرمادي ومفارقات التحرير

 

تحررت الرمادي مركز الانبار من قبضة داعش بجهود عسكرية جبارة قامت بها قوات مكافحة الارهاب البطلة وشرطة الانبار والاتحادية وتشكيلات مساندة اخرى حضيت جميعها بدعم جوي من التحالف الدولي كان له اثر في حسم معارك التحرير التي اعقبتها حكومة الانبار المحلية وبدعم من الحكومة المركزية بحملة اعادة الاعمار واعادة النازحين لمساكنهم ومع انتهاء المعارك وبدء مرحلة الاعمار اثيرت تساؤلات عدة عن مفارقات بحسب راي المجتمع الانباري .

ففي منتصف الرمادي يقع مضيف اكبر العشائر داخل مركز المحافظة هذا المضيف كان مقرا للحراك الشعبي وقادة التظاهرات. ونفسه الذي اتخذه داعش مقرا لقيادته في الرمادي وعقد فيه مؤتمراته العشائرية والامنية ونفس المضيف تتخذه اليوم وبعد التحرير حكومة الانبار مقرا لها حيث عقد المحافظ واعضاء الحكومة المحلية واعضاء من مجلسها اولى المؤتمرات الصحفية فيه رغم حرقه وتدمير معالمه من قبل تنظيم الدولة المزعومة اسلاميا ودعا الراوي من المضيف شيوخ ووجهاء المحافظة الى فتح العودة السريعة للرمادي واشاد المحافظ بجهود ابناء العشيرة بمقاتلة داعش ووقوفهم المشرف مع القوات الامنية وشكر لهم ما قدموه من تضحيات بشريه والغريب ان البوعلوان هي نفس العشيرة التي اتهمتها حكومة المالكي بدعم التظاهرات وساحات الاعتصام واعتقلت احد ابرز ابنائها بتهمة الارهاب فيما ترى عشائر الانبار انه اعتقال سياسي وان موقف العشيرة في قتال داعش يعد ردا حاسما على تلك الاتهامات .

 

اما المفارقة الثانية هي عدم العثور على جثث قتلى داعش سوى القليل منها في معركة تحرير حي التاميم وعدد اخر اقل في منطقة السجارية فاين ذهبت جثث التنظيم واين ذهب مقاتلوه وكيف هربوا واي طريق استغلوا واين كان منهم طيران التحالف الدولي عند هربوهم حيث لا اجابات على هذه التساؤلات حتى الساعة . ثالثة المفارقات فهي سلامة ممتلكات بعض المسؤولين الكبار في المحافظة وعدم تعرضها للدمار او التفخيخ والتفجير وكأن داعش غض الطرف عنها او لم تعجبة ليتخذها مقرات له او ينسفها كما فعل بدوائر الدولة ومساكن المواطنيين, فبيوت ومزارع بعض السياسين والقادة الامنيين والعشائرين لم تطالها ايادي داعش طيلة فترة احتلالهم للانبار رغم انهم فخخوا كل شيء حتى المصاحف للايقاع بالابرياء ورجال قواتنا الامنيه التي استشهد منها ما يقارب الخمسة عشر مختص بالمتفجرات بمصائد التنظيم الخبيث خلال الايام الاخيره اثناء معالجة ملغماته المعقده تمهيدا لفتح الطريق امام عودة النازحين .

 

اما المفارقة الاخرى التي نراها بعد استعادة الرمادي هي تصدي بعض المسوؤلين يتقدمهم محافظ الانبار لملف الاعمار واعادة النازحين لمساكنهم فيما غابت اصوات العديد من المسؤولين المحليين والسياسين عن تادية دورهم المهم في هذه المرحلة بعد ان كان حضورهم الاعلامي متميزا بتصريحات نارية فيما سبق كما ان غياب الاحزاب وفي مقدمتها الاسلاميه عن نشاطاتها وفعالياتها التي كنا نتوقعها يضعهم جميعا في سلة المغردين على جراح الانباريين وليس المتألمين معهم ويبدو ان المصالح تدفع بهم لفعل كل شيء وترك كل شيء والاختباء احيانا .

 

اما دعوة المحافظ لشيوخ العشائر بفتح مضايفهم ومطالبته اياهم بتقديم العون للحكومة المحلية في مسك الارض واعادة الاعمار وعودة النازحين والقيام بدورهم الفعال في المصالحة العشائرية فيعد ذلك دليل على ان اهل الانبار اساس في استقرار العراق وليسوا فقاعة وان العشائر اكبر من الاحزاب والتجمعات السياسية .

 

ومع المفارقات والتساؤلات هذه يستمر الحراك السياسي وتتزايد الدعوات من ابناء الانبار لرص الصفوف وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية او وترك التسقيط السياسي والاجتماعي جانبا خشية استغلال ذلك من قبل داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى لايجاد مكان لها بتسمية او عنوان جديد لان كل التنظيمات الارهابية لاتستطيع الظهور دون حواضن ولايمكن للحواضن ان تكون الا بتبريرات مفبركة يتقنها بعض ضعاف النفوس ممن يتصدرون او يتواجدون في مقدمة مشهد الانبار التي تنتظر باقي مدنها وعلى احر من الجمر بدء العمليات العسكرية لتحريرها سيما المنتفظة هيت واختها التي سبقتها الفلوجه . فيما يتوجب على الحكومة الاتحادية برأي مواطني الانبار ان تكشف الحقائق في قابل الايام عن كيفية احتلال مدنهم من قبل داعش بين ليلة وضحاها ومن هم المتورطين بذلك .