لعل ابرز مصاديق الفوضى الخلاقة ظاهرة الاستحواذ على الاملاك العامة للدولة والتي تعد اسوا استغلال واتعس انتهاز لفرصة خلو المسار التي تنتج عادة عن اية حالة تغيير اوتحول في الاوضاع العامة وقيام حكومة جديدة وظهور نظام مختلف تشغله متطلبات الوضع الجديد المتمثلة بالغاء قوانين المرحلة السابقة واصدار قوانين جديدة تتناغم مع ضرورات التاسيس وتتجاوب مع مطالب الجماهير التي اسهمت في اسقاط السلطة السابقة وعانت ويلات سياساتها الهوجاء وقدمت قوافل من قرابين الشهادة على طريق التحرر والانعتاق .وكاقبح وجه للتخلف وعدم الشعور بالمسؤولية تهب النفوس الضعيفة في هياج مسعور منفسه عن كراهيتها للسلطة التي اهانتها وظلمتها ومعبرة عن غضبها في سلوك غير حضاري فتخرب كل مالم تستطع حمله وتنهب كل ما قدرت على انتزاعه من الممتلكات العامة كنوع من الانتقام والثار .بينما كان الاجدر والافضل ان تنطلق الجماهير مساندة ومعاضدة لكل القوى الخيرة التي ساهمت وشاركت في سقوط الصنم من خلال تشكيل فرق شعبية لحماية المتاحف والوزارات والمصارف والسفارات وكل الممتلكات العامة , والسهر على حفظ الامن والنظام ومتابعة ومراقبة اعداء التجربة الديمقراطية ممن تضررت مصالحهم بسقوط الصنم في الداخل وممن هددت عروشهم في دول الجوار وبعض الانظمة العربية الشمولية , لكن الذي حصل كان مفاجئا وعلى عكس ما توقعناه , وما هذا الارهاب والتخريب والانفلات الانتيجة لتداعيات ذلك السلوك المنحرف او عامل مساعد لحصوله وتفشيه واستمراره رغم مضي سبع من السنوات العجاف .ولو سكتنا عما نهب من مال عام وممتلكات منقولة وتحف حضارة العراق وتاريخه فلن نسكت عن تخريب المدن وتدميرها بيئيا وحضاريا والذي تفشى في معظم مدن العراق اذ لم تبق ساحة وسطية او مساحة تنفس بين قطاعات البيوت , او مسافة بين البيوت والشوارع الا وتم التجاوز عليها وتشييد البيوت والمحلات ونصب الاكشاك والمولدات والحاقها بالبيوت .حتى مساحات الاراضي المحجوزة للدولة لغرض انشاء مشاريع او مجمعات سكنية اوصناعية او استثمارية تم التجاوز عليها عشوائيا بل بعض الساحات العامة اقيمت عليها جوامع وحسينيات اسمية لتلحق بها قصور بحجة قاعات مناسبات وسكن الامامي والخدمة والضيوف !.اما ارصفة الشوارع الرئيسية والمفروض انها طريق عام للمشاة فقد الغيت تماما والحقت بالمحلات بعد ان نصبت فيها مسقفات وحشرت فيها البضائع المتنوعة .المشكلة ان امانة بغداد ومجالس المحافظات والبلديات في المحافظات تجابه بعنف من قبل بعض الحركات والاحزاب بمجرد محاولة ازالة التجاوزات فتضطر للسكوت وتاجيل اوامر الاخلاء اوالازالة.اما القصور الرئاسية واملاك رموز وعوائل العهد البائد فقد استحوذت عليها الجهات والقيادات المتنفذة وباقي املاك الدولة ستباع بالمزاد ليستحوذ عليها ابطال الفساد والسحت الحرام .