طموح بلا أجنحة |
بعد تردد دام طويلا قررت تلك النملة أخيراً بناء ذلك الصرح الذي طالما كان حلما راود مخيلتها ، ويرضي خواطر النفس و هواجسها كثيرا تلك التي ترهق كاهلها لتحقيق ذلك الهدف الذي يمجد ذاتها ويغذي طموحها المعلن وإن إرتسم إطاره العام بهمسات الغرور الكامنة في داخلها.
فجأة شاع الخبر ، حينها إجتمعت قريناتها وتعالى دبيبهن وتناوب همسهن المحذر لتلك النملة من الأمر الذي تسعى الى تحقيقه فلن يكتب لذلك الطموح ان يدوم طويلا.
وساعة يقع المحذور وينهدم السقف فوقها ، حينها لا تنفع مواطن الندم في بواطن الكبرياء … ولن تنفعها حينها جلبة الاصوات المتعالية النادبة بضرورة بقائها في قريتها تتنعم بنسمات الأمان.
لكن طموحها المشوب بالغرور طغى على سمعها وأعمى بصيرتها المتوثبة معتبرة ما دار حولها من كلام ماهو سوى تخرصات.. وحدثت نفسها بأن صبرها في المضي لما تسعى إليه وعدم الإكتراث لما يقال هو خير جواب على الهمس الدائر حولها.
بإصرارها راحت تغذ الخطى في مسيرها تتحرى المكان المبتغى … بعض الغصينات الجافة المتساقطة من شجرة البلزا تسندها بعض كتل الطين الرطبه، أفضل ما يكون لمقاومة أحلك الظروف حسب ما تعتقد وتلك الوريقات الخضراء المتساقطة أفضل سقف لدرء سيل المطر.
من بعيد كان طائر البارولا الاستوائي ذو الرأس الازرق ورقبته الصفراء يقف على الشجره بصمت مهيب يغلف نظراته بإتجاه تلك النملة في سعيها المتواصل بركوب موجة الغرور يترقبها بدقة متناهية في رغبة منه أن لا يفقدها أبدا ، بينما كانت هواجس شتى تدور في خلد تلك النملة عن ذلك الطائر وتسألت بحيرةٍ عن ما يدور في خلده من دون ان يثنيها شي عن مواصلة عملها.
– يا ترى أهو متوجس يختبئ من تلك السحابه المتخمة بصرخات رعد يعلن بهديره تساقط زخات المطر ، أم عجبٌ مما أنجزه من صرح عظيم.
أكملت النملة ذلك البناء واضعة لمستها الاخيرة على اركانه، ثم تراجعت قليلا إلى الوراء لتلقي نظرة أخيرة ، قبل أن يتناهى الى مسامعها خفق أجنحة الطائر الذي باغتها بطيرانه المفاجئ هابطاً نحوها مباشرة ، ليلتقطها ويحملها بعيدا عن بيت أحلامها فندت عنها آهة مكتومة وزفرة حرى، تأجج لهيبها حين وثقت نظراتها مشهد ذلك الصرح وهو يغرق متهدما من أول قطرة مطر لامست جدرانه الهشة. |