بلاد ما بين الصنمين |
مات الصنم عاش الصنم ، أهزوجة ما فتئ العراقيون يرددونها عبر العصور مذ احتلال بغداد على ايدي المغول سنة 656 هـ والى يومنا هذا ، ما خلا حقب قليلة تخللتها نعم العراقيون خلالها بالأمن والأمان، وبالسلم والسلام ،وما بين كل صنم زائل وصنم صائل، أرحام عراقية تدفع ، ومعتقلات محلية وأجنبية تبلع، اكتاف تخلع، أظافر تقلع ،ألسنة تقطع، أجساد بالكهرباء -اللاوطنية -تسطع ورقاب مقطوعة بعد تصويرها فيديويا وبثها يوتيوبيا على أسنة الرماح ترفع ، تظاهرات سلمية تردع ، تنسيقيات في غياهب السجون تودع بوشاية جباه ذليلة لليورو والدولار والتومان والين والشيكل والروبل تسجد وتركع ،فلا عين ترى ما جرى لهم ولا لسان يصدح بالحق دفاعا عنهم ولا آذان مهما طالت كآذان الحمير لصيحات المعذبين تسمع …هذه اصنامهم وتلك قطعانهم فحيثما شئت ياذئب السلطة ..فأرتع!. ما زحزحت اصنام العراق عن عروشها قط إلا بأصنام أمثالها وما جثم صنم على صدور العراقيين الا بـ(جئنا محررين لا فاتحين) وما رحل عنهم الا بـ (وليكن بعدي الطوفان) ، ففي ظل الأصنام رقاب تلو الرقاب على حبال المشانق تأرجحت ومعاصم تلو المعاصم بقيود السجانين رزحت، بقوانينهم العبثية – المفخخة – ظهورنا بسياط الجلادين تقرحت، وبدساتيرهم المزاجية – الملغمة – اجيالنا بين قطعان الضباع ترعرعت، بسلطاتهم المطلقة وبمحسوبياتهم ومنسوبياتهم ومحاصصاتهم وفسادهم وإفسادهم وبازدواجية جنسياتهم ازهارنا بحقول الالغام تفتحت، عقولنا تحجرت، مصانعنا تعطلت، مزارعنا تصحرت ولا يزال العرض مستمراً وبنجاح ساحق لمن فاتته المشاهدة وحتى إشعار آخر.. !! عاش الملك مات الملك، أطول عرض مسرحي تراجيدي قدم على خشبة الحياة منذ فجر التأريخ ، هنا على اديمك ياميزبوتاميا او بلاد مابين النهريـــــن ،ان مكث العراقي مرغما لمتابعة ما تبقى من فصولها يندم، وان ولى لهــــف نفسي عليه فراراً من دون إذن من حاشية الأصنام يعد. هكذا ضاعت بلادي بين نوح باك وترنم شاد او بين خنوع ماسيوشي وتجبر سادي ولسان حالنا يردد ما انشده أحدهم يوماً: اني شكرت لظالمي ظلمي وغفرت ذاك له على علمي وما زال يظلمني وارحمه حتى بكيــــته من الظلم ما أحوجنا نحن العراقيين اليوم الى وقفة جادة ، موحدة، شجاعة كتلك التي وقفها أحرار العالم يوماً لوأد الروح -الصنمية-الانهزامية التي تقمصتنا وتحكمت بمصائرنا على مدى قرون طويلة، لننعم بالأمن والعدل ، فالأصنام لن تسمع انين الثكالى ، ولن ترى معاناة الضحايا ، ولن تستشعر الام الجماهير. فليس للاصنام اذان تسمع بها ، ولا أعين تبصر بها ، ولا قلوب تفقه بها، ذاك ان قلوب الأصنام من حجر ولا يفلح قوم ولوا أمرهم … حجراً .أودعناكم اغاتي.
|