الإصلاح ودور الوقت في التطور

 

في المقال السابق يوم الاحد الماضي  بعنوان ( الاصلاح والارهاب ) تناولت الاصلاح من منظور واقعي تعيشه الشعوب ، يؤكد أنه ضرورة وحاجة متجددة ، ولا يمكن أن يحقق أهدافه إن لم تتخلص من الارهاب ، وهو التحدي الاول اليوم.. ولا فائدة من إعتماد معيار التكنوقراط والمهنية والتخصص  ، إن لم تغلق المنافذ التي يتسلل منها هذا الخطر الكبير…

وهذا المقال من زاوية  أخرى وهي صلة الاصلاح  بالتطور وطبيعة العصر ، وقيمة الوقت في حياة الشعوب ، وهي أمور صعبة التحقق بدون أن يكون هناك إستقرار يهيء أرضية مناسبة للبناء والتنمية والتطور…

 

ودعوات الاصلاح ليست في إسناد المناصب الى تكنوقراط  واكاديميين فقط ،  اذ قد يكون من بين هؤلاء من يتمتع بكفاءة مهنية عالية  ، ولكنه يفقتقد الى كفاءة الضمير ، أي في  المناعة من الفساد وهدر المال العام في غير مجاله .. وعندها لا تعني  تلك الدعوات شيئا إن ظلت البلاد تحت سندان الفساد ، ومطرقة الارهاب ، وما  لم تُسد المنافذ التي يتسلل منها  الارهاب ، ويتوسع ، ويستمر في استنزاف المال والرجال ، ويؤدي الى عسكرة البلد ، وينسى المسؤولون مهمة البناء والتطورالتي جاء وا الى الحكم تحت يافطتها  ..

 

وعنوان التطور اليوم هو  العلم والتخصص ،  واحترام الوقت ، وعدم التوقف عند نقطة معينة في سلمه ، فما يكون متقدما  اليوم سيكون متأخرا غدا حتما ..

 

 و( التقنية في تطور ) أيضا  ، وهي عماد التقدم ، وعندما يتخلف عنها أحد لأي سبب كان ،  لا تنتظره بل تلقي له بفتاتها ، وما يشكل عبئا عليها ، ويكون مستهلكا لها فقط ..

 

والجهاز أو المشروع او المعمل الذي يؤدي مهمته بكفاءة اليوم ، لا يلبي تلك المهمة ، بالكفاءة نفسها غدا بشكل يناسب الحاجة المتغيرة  ..

 

والامر نفسه ينسحب على الافكار والادارة والمناصب .. فهي في تطور مع العصر وحاجة المجتمع ، وليس أن تملأ كيفما اتفق ، او تخضع ( لمزاج ) الديمقراطية ، والاصوات ، والاحزاب والكتل ، بل الى مواصفاتها ، وطبيعة اختصاصاتها واحترامها للوقت في حياة الشعوب وتطورها ..

 

تلك هي القاعدة الاساسية التي يستند عليها التطور …

 

 والاصلاح لا  يقوم  فقط على مبدأ ( وضع الرجل المناسب في مكانه الصحيح ) ، بل يجب ان يقترن بقيمة الوقت ، واعتباره ثروة وطنية ، والتفاعل مع طبيعة العصر ، واستشراف أفاق المستقبل ، واستحقاق الوطن من التطور العالمي  المتسارع ، وليس وفق إستحقاق الكتل ، والمكونات  في الحكم  والمناصب والثروة ، وكأن العمل السياسي شراكة في السلطة ، وليس في الخدمة ، وفي تحمل المسؤولية في حالة حصول فشل ، وليس أن يسجل ضد  مجهول ، وتضيع مسؤوليته بين الشخص التنفيذي والسياسي ، ويكون التركيز على ابراء الذمة منه..

 

الاصلاح يعطي للوقت قيمته وعنوانه في التطور ، وليس أن يكون ثروة ضائعة ،  وطاقة ( فضائية ) تهدر في غير مجالها ، بدل أن توجه الى الاعمار والبناء ، ومكافحة الارهاب … وهذه الثروة تهدر عندما  لا يحصل الوطن على ما يساوي قيمتها …في فوضى الشوارع والزحامات والسيطرات ، وفي البطالة ، عندما يصرف  العاطل وقته في غير مجاله ،  وفي البطالة المقنعة ، وفي العمل بإمور هامشية ليست من اختصاص الانسان ، لكنه يمارسها مضطرا تحت ثقل الحاجة ، وتخسره في كثرة حمايات المسؤولين ، عندما تصل الى العشرات او المئات ، ويندر أن تجد مسؤولا بلا حماية.. وقس على ذلك الكثير الكثيرمن وسائل تهدر فيها هذه الثروة ..

 

 وقديما قالوا الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ..

 

والاصلاح هو ان تستغل الوقت في ما يفيد ، فهو  ليس ثروة  فقط ،  بل حياة ، وأحد عناوين التطور وقيمة العمل  ….

 

{{{{{

 

كلام مفيد :

 

قالوا ( مصاحبتك للمسرف فيه إتلاف لمالك ، ومصاحبتك للبخيل فيه إتلاف لمروءتك).