العملية السياسية وإفرازاتها المأساوية |
لا يخفى على الجميع ان العملية السياسية في العراق بعد عام 2003م اي بعد الاحتلال الامريكي للعراق قد بنيت على اسس غير صحيحة ومنها ما يتعلق بالمحاصصة الطائفية والحزبية والفئوية بدلا من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وهذا الكلام كثيرا ما نسمعه على وسائل الاعلام من السياسيين انفسهم لا سيما الذين تبوؤا مناصب عليا في الدولة العراقية . ادت هذه المحاصصة الى مشاكل كثيرة القت بظلالها على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى الثقافي والخدمي في هذا البلد , فكما هو معلوم ان العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب وقد عاشت جميع مكونات الشعب العراقي في ود ووئام واخوة مرتبطين بالرابطة الوطنية على مدى قرون كثيرة لكن العملية السياسية ادت الى تعميق الفجوة والاختلاف بين ابناء البلد الواحد. فالطائفية في العراق كانت في بداياتها طائفية سياسية هدفها المنفعة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية والمكوناتية فتجد السياسي نصب نفسه مدافعا عن المكون الذي ينتمي اليه مذكرا بأوجاع طائفته والظلم الذي تعرضوا له لكي يسوق نفسه سياسيا ويحصل من وراء ذلك على منصب سياسي او نفع مادي دون الاخذ بنضر الاعتبار مصالح الشعب وتطلعاته , ومع ازدياد التخندق والتشرذم الطائفي ازدادت الهوة اتساعا بين فئات الشعب حتى اصبحت الطائفية حالة اجتماعية يعرفها ويتحدث عنها جميع ابناء الشعب على اختلاف مستواهم العلمي والثقافي. كما ان عدم التناغم والتجانس والتفاهم بين الحكومة المركزية والمحافظات ادى الى مشاكل كثيرة اوصلت البلد الى شفير الهاوية والامثلة على ذلك كثيرة ومنها سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من الاراضي العراقية وقيامه بالقتل والتهجير وتخريب وتدمير البنى التحتية اضافة الى ظهور مليشيات طائفية شابهت افعالها الى حد كبير افعال تنظيم داعش اطلق عليها رئيس الوزراء حيدر العبادي اسم المليشيات غير المنضبطة في حين سماها السيد مقتدى الصدر بالمليشيات الوقحة , وكان لظهور هذه التنظيمات اثرا في زيادة حدة التوتر الطائفي والمذهبي والعرقي في العراق. ومن مساوئ العملية السياسية ظهور طبقة اجتماعية اثرت على حساب الشعب وهم مجموعة من السياسيين ورجال الاعمال المنتفعين منهم اسهمت في ضياع مئات المليارات من الدولارات وتهريبها وهروب سراقها الى خارج البلاد وعدم قدرة القضاء على ملاحقتهم ومحاسبتهم قانونيا او محاسبة حيتان الفساد في الداخل يضاف الى ذلك سوء الوضع الاقتصادي للمواطن بسبب التفاوت الكبير في نسب الرواتب بين الدرجات العليا والدرجات الدنيا فتجد الاشخاص الذين تسنموا مناصب عليا الدولة لهم رواتب ومخصصات ومنافع اجتماعية تصل الى الملايين في حين الموظف العادي راتبه الشهري متدني ولا يكفي لسد احتياجاته اليومية مما ادى الى تدهور الوضع الاقتصادي للمواطن وتدني مستواه المعيشي وضعف القدرة الشرائية لديه لغرق السوق المحلية بالبضائع الاجنبية الغالية الثمن وعدم دعم المنتوج المحلي من قبل الدولة . ومن المشاكل الاخرى تفشي المحسوبية والمنسوبية والرشاوي او ما يصطلح على تسميته بالفساد الاداري والمالي حتى اصبح العراق يحتل المراتب الاولى في مؤشرات الفساد على المستوى العالمي . ما ذكرناه آنفا كان له الاثر الكبير في حدوث ازمة اقتصادية خانقة ستؤدي بالبلاد الى مرحلة الكساد لا قدر الله ومما زاد الطين بلة الانهيار السريع والمفاجئ لأسعار النفط وهو المصدر الرئيسي للدخل القومي في العراق مما ادى الى توقف اغلب المشاريع الاستثمارية لا سيما التي تمس حياة المواطن وتعود بالنفع عليه الا وهي المشاريع الخدمية. يتضح لنا مما تقدم ان العراق يواجه تحديات كثيرة لعل من ابرزها : اولاً : التحدي الامني والمتمثل بما يلي :
ثانياً : التحدي الاقتصادي متمثلاً بما يلي :
هذه ابرز المشاكل والتحديات التي تواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي في المرحلة المقبلة فهل يستطيع حلها والعبور بالعراق الى بر الامان بطرحه قبل ايام قلائل مشروع التعديل الوزاري والمجــــــــيء بحكومة تكنوقراط ؟ لا شك ان الكفاءات او التكنوقراط وحده لا يكفي لحل المشاكل المستعصية في العراق فاذا اراد العبادي النجاح فعليه ان يأتي بوزراء وكابينة وزارية تكون النزاهة والنزاهة ثم الكفاءة معيارا لها لانهما متلازمان واذا غاب احدهما لم يتحقق الاخر .. |