أبغض الحلال

 

هالتني أرقام مخيفة ذكرها لي احد الاصدقاء المحامين عن تزايد نسبة الطلاق في مجتمعنا من خلال عمله في المحاكم واطلاعه على حالات التفريق التي يتخذها القضاة بين المتزوجين.

 

ولعل أغرب ما في الامر أن حالات الطلاق هذه تحدث عن المتزوجين حديثاً، اذ لا يكاد يمضي الا عام أو ربما اشهر حتى يشتد الخلاف بين الطرفين فيقع بينهما أبغض الحلال، سواء كان طالب التفريق الزوج أم الزوجة، وهذه ظاهرة خطيرة ينبغي أن يدرسها المختصون في علم الاجتماع وعلم النفس قبل  أن تدرسها الدوائر العدلية المختصة.

 

والادهى والأمر من ذلك هم أبناء المطلقين والمطلقات من الاطفال الرضع والصبية الصغار الذين لن يجدوا لهم من يعيلهم بل هم بحد ذاتهم سيكونون عالة على المجتمع، فليس من يعتني بشؤون تعليهم وصحتهم ومستقبلهم بل سيجد الانحراف في قادم الايام أرضاً خصبة للتغلغل في ضمائرهم وعقولهم وهم ضعاف أمام أية مغريات في مجتمعنا وما أكثرها!.

 

يقدم الفتى على الزواج ويفرح له الاب والام وأبناء العمومة والخوؤلة، وتزفه سيارات تصول وتجول في الشوارع بأصوات أبواقها المرتفعة ويذهب مع عروسة الى ستوديو التصوير لكي يوثقوا لحظة العمر بصورة فوتوغرافية تجمعهما وهما يبتسمان ويحجزان ليلة أو ليلتين في فندق فخم حيث يختصر شهر العسل الى يوم العسل، وتعم الفرحة اجواء المنزل والشارع، ويحدث الامر ذاته عند أهل العروس، وتقام الولائم ويكثر الاكل والشرب والغناء والردح على اصوات فرق موسيقية متخصصة بالأعراس وكل هذا يحدث لأي عروسين جديدين، وتمضي بهما الايام، فاذا بالأيام تنشب أظفارها في حياتهما، واذا بالمشاكل تعلوهما من الرأس حتى القدم، ولعل الواقع الاقتصادي والمادي واستقلالية السكن هما من أبرز الاسباب التي سوف تؤدي الى وقوع أبغض الحلال، ولن ينفع في الامر تدخل الاطراف التي تطلب الصلح بين الزوجين فكل معتد برأيه لا يقبل التنازل ويكثر القيل والقال وصراخ العيال حتى يجدان نفسيهما أمام القاضي طالبين التفريق!.

 

المجتمع ينهار، واسباب انهياره هم أبناؤه. تكبر مساحة البيت فتصغر مساحة العائلة، وارجو أن لا يحين يوم يكون فيه عدد المطلقين اكبر من عدد المتزوجين، والله المستعان.