الدولة المدنية خيارنا الوحيد

 

لقد أصبح العامل الديني هو العامل الأول في تسخير وتأجيج الإنقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية في الآونة الأخيرة ، وأصبح اليوم مفعلاً خطيراً للهويات والإنتمائات الطائفية والمذهبية في عالمنا العربي والإسلامي …!!

 

ولازال البعض من (الإسلاميين) يحلمون بإن الدين الإسلامي يمكن أن يكون عامل توحيد للشعوب والأمم كما كان منذ قرون خلت .!!!

 

ولكن الحقيقة أن الدين – عندنا-  لايمكن أن يكون عاملاً توحيدياً ،بل أصبح عاملاً رئيسياً من عوامل التفتيت والتفكيك وصار أداة هائلة في إثارة الحروب والفتن والصراعات الطائفية والحروب الأهلية المدمرة ..!!

 

وعليه فأن الهوية الإسلامية غير قادرة على أن تعطي للشعوب هويتها الموحدة ، ولايمكن أن تكون هوية جامعة لهم ، فاليوم ليس لدينا دين إسلامي موحد ، ولايمكن توحيد المسلمين في ظل هذه الفوضى الدينية العارمة  وفي ظل هذه الإختلافات الضاربة في عمق العقيدة الإسلامية ، وكل كلام ومؤتمرات تعقد هنا وهناك عن تقريب المذاهب ليس لها معنى بتاتاً ..وماهي إلا مضيعة للوقت ، وعليه يرى الكثيرمن المفكرين والمنظرين بان الحل كل الحل هو بتحييّد الدين عن الحياة السياسية ..والإسراع في تبني العلمانية كوسيلة إنقاذ عاجلة من كارثة وشيكة ستحل بالعالم كله !!

 

فالدين لله ، والوطن للجميع ..فأي مواطن يستطيع أن يكون مسلماً بينه وبين ربه ، كما ومن حقه أن يكون مسيحياً ، أو أن يكون يهودياً ، أو أن يكون علمانياً ، أوأن يكون بوذياً ، أو أن يكون علمانياً ..أو حتى ملحداً ،  ولكن في ظل هوية  جامعة تحترمه في كل حالاته الشخصية وتعطيه حريته بالإعتقاد والإنتماء القلبي  !!

 

فالهوية الوحيدة التي يمكن أن تجمعنا وتنتقل بنا إلى مرحلة حضارية جديدة هي الهوية العلمانية ..(العلمانية بمعناها الجذري ) وليس الشكلي… ولامكان للدين في الحياة السياسية – على الأقل في الوقت الراهن – حتى نعبر بسفينة البلاد كل هذه الأمواج السوداء المتلاطمة ، وإلاّ فسوف نغرق جميعاً وإلى الأبد ..!!