عنوان مقالي اليوم ليس دعاية لبرنامج (لك سيدتي).. كذلك ليس له علاقة بالطبخ، ولايحتوي المقال طريقة تحضير أية أكلة من الأكلات ولاسيما اللذيذة منها، فمفردة النضج الواردة فيه ليست من بنيات أفكاري، ولا من بني ظنوني ولا مما ملكت يميني، فقد وردت في تصريح رسمي لرئيس أعلى مجلس في البلد يمثل الشعب، وينطق باسمه، ويدافع عن حقوقه، ويرعى مصالحه، ذاك هو سليم الجبوري الرأس الأعلى في مجلس النواب. فقد صرح أمس الأول قائلا: "هذا الاسبوع سيشهد حملة لقاءات موسعة بين مختلف الاطراف السياسية مع رئيس الوزراء وكذلك حوارات جانبية لانضاج ما تم طرحه من عملية التغيير"..! وهو أمر لو حدث فعلا فإن العراقيين سيكونون في (گمره وربيع) حيث سيحقق التغيير المنشود تقدما كبيرا في مؤسسات الدولة، ويدفع عجلة البلد الى السير قدما بكافة الاتجاهات بما يصب في مصلحة البلد. هذا طبعا إذا كان التغيير يعني نبذ كل الأساليب السابقة في توزيع المهام القيادية في وزارات الدولة ومؤسساتها، واعتماد وحدات قياس جديدة يتم على أساسها انتقاء مسؤوليها، لضمان الجدوى من منصب المسؤول، وإسهامه المباشر في الارتقاء بأداء مؤسساته على وجه يعيد لها مكانتها ودورها في المجتمع. وقطعا هذا لن يتحقق بعبارة؛ "كن فيكون"، او بالأمنيات والآمال والنيات الخالصة وحدها، حتى لو أتت مجتمعة، بل على قادة الدولة الالتفات الى الجانب الرقابي في الأداء، أداء القيادات العليا في الوزارات والمؤسسات، وهنا يبرز دور المفتشيات فيها، وهو من صلب عملها، فضلا عن دور مجلس النواب الرقابي الأعلى. إلا أنني وددت الإشارة الى حدث ليس بالقديم، وتذكير قائل العبارة الإفلاطونية؛ "إنضاج التغيير الوزاري" بما حصل يوم 20 من شهر شباط الجاري، وهو اليوم الذي استضاف فيه مجلس النواب رئيس الوزراء العبادي، حين طلب الأخير من المجلس الحصول على تفويض للقيام بتغيير وزاري في حكومته، يعتمد على مبدأ التكنوقراط في تنصيب الوزراء، وهو الأمر الذي يحدث النقلة النوعية في عمل المجلس التنفيذي، ويرفع من مستوى أدائه الى حيث يعود نفعه الى البلاد وملايين العباد، ولكن كيف جوبه طلب العبادي؟ وما أثمرت مطالبته بالتفويض؟ ألم يكن الإخفاق جنيه؟ بلى، لقد جوبه طلبه بالرفض القاطع، الأمر الذي يدل على أن مجلس النواب لايحلو له نظام عمل المؤسسات التنفيذية وفق مبدأ التكنوقراط، وما خوفه من بعبع هذا المبدأ إلا لأنه يرفع البلد درجات ودرجات، وأظن هدف مجلس نوابنا -رئيسا وأعضاءً- هو خفض البلد دركات ودركات! بشار بن برد شاعر مخضرم عاش العصرين الأموي والعباسي، وهو (أكمه) والأكمه الذي وُلد أعمى، أي أنه لم يرَ النور قط، إلا أنه تميز بدقة الوصف في حين لايجيده كثيرون من المبصرين، تولع قلبه بحب جارية فتشبب بأوصافها بأبيات يعجز أصحاب العيون والبصائر عن نظمها، وحين سألوه عن ولعه بها وهو لم يرها قال: قالوا بمن لاترى تهذي فقلت لهم الأذن كالعين توفي القلب ماكانا يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا أرى أننا كصاحبنا بشار، لن نرى التكنوقراط أبدا، وسيظل الحديث عنه يطرب أسماعنا تارة، ويزعجها أخرى، ويعطر أنفاسنا ثالثة، ويزكمها رابعة، مادامت الكرة في ملاعب الثلاثة؛ شعيط ومعيط وجرار الخيط.
|