مكالمات فائته

ونحن نعيش ثورة المواصلات التي قربت البعيد وأتت بكل جديد واصبح العالم الواسع بفضل الشبكة العنكبوتيه  قرية صغيرة ومجال واسع انتقل بنا من عصر بريد الراحلة والطيور الزاجل الى بريد الرسائل التي تصلك من العراق في شهر اذا كنت في روسيا أو المانيا ..الى اللحظة والبرهة وانت تكلم اهلك ومعارفك وإدارة العمل وكأنك موجود معهم بالصورة والصوت وتربطك بالعالم دون قيود ة أو خصوصية.
أصاب العطل جهازي المحمول لفترة يوم وعندما صلح وجدت 16 مكالمة فائته من قريب لي و4من أخي و3من ابن عمي ولصلة القرابة بيني وهؤلاء أيقنت بان حدث كبيرطاريء ينتظرني وأوجست خيفة في نفسي..وهنا اضطررت ان اتصل بأحدهم صاحب المكالمات الاكبرلمعرفة الدافع لهذه { الملحة } والإصرار وقلت بما انه ضابط وبرتبة كبيرة ربما يحمل لي أسرارا في تعيين احد اولادي العاطلين وهم يحملون تحصيل علمي جيد وأخلص من عبئهم .. والمفاجئة طلب مني المساهمة في إلغاء نقله ..وأدرت الأرقام على صاحب المكالمات الأربعة فأخبرني بحاجته الى إسعاف إحدى المحتاجات وعليك المعاونة ولك من الأجر والثواب على عمل البر والإحسان ..تعوذت من الشيطان وقلت لعل الأمل في الصوت الأخير خير..  ابن عمي الذي لم اسمع صوته منذ شهور طويلة وعنده خبر يسر.. وعندما هاتفته لم اسلم من المعاتبة المملة لعدم الرد عليه .. واخبرني علي الحضور إلى مأتم احد الأقرباء الذي توفي يوم أمس ..هنا قررت ان ابقي الجهاز عاطل أو ارميه في سلة المهملات لأنه لا يساوي شيء!!
من قرون طويلة يترقب العالم هذا الانجاز الرائع في تقليص المسافات لا في مكالمات ما يخبىء ورائها هدر الوقت والمال بل لترى ترى البلد الذي تنتمي اليه وأنت بعيد عنه بصفاته وناسه في مشارق الأرض ومغاربها ..ونلتقي مرة أخرى في علم جديد من التطورات الراهنة الذي يريحنا عناء التفكير والاستمتاع بثمر الغير ونحن أحسن أمة أخرجت للناس .