صفحات من دفتر لاجئ عراقي في مخيم رفحاء: في نهاية 1992 خرجت أول مسيرة سلمية في المخيم للمطالبة بتحسين الخدمات الحلقة الواحد والعشرون


هذه هي فعاليات الأرطاويين ومعظم لاجئي رفحاء يؤازروهم:13/12/1992: خرجت أول مسيرة سلمية في المخيم، قادها نشطاء مخيم الأرطاوية.
18/12/1992: خرجت المسيرة السلمية الثانية ونظمها وقادها النشطاء أنفسهم، وكانت أفضل من الأولى، حيث تميزت بالإدارة الجيدة والتنسيق وكثرة المساهمين فيها، وقد رفع اللاجئون من المخيمين اللافتات و(البوسترات) واللوحات، التي عكست رفض اللاجئين لواقع المخيم المزري، وتم الإتصال بعدد من وكالات الأنباء العالمية والصحف، وتمَّ الإتصال بالإذاعات من الهواتف العمومية في مدينة رفحاء، وبثت إذاعة صوت أمريكا خبرا عن المسيرة في نفس اليوم، كما التقطت للمسيرة صور فوتوغرافية وصورت بكاميرات (الفيديو).
في باب المخيم أيضا تم تسليم شريط (فيديو) إلى ممثل لجنة الصليب الأحمر الدولية، وتمت مقابلة إحدى موظفات مكتب الأمم المتحدة في المخيم وإسمها (مدام كاتو)، وسلمت مذكرات ووثائق عن الحوادث في مخيمي رفحاء والأرطاوية، إضافة إلى شريط (فيديو) وقوائم بأسماء اللاجئين المشتركين في المسيرة.
وأعدت مذكرة بهذه المناسبة سلمت بيد أحد أطفال المخيم، ليقوم بدوره بتسيلمها ليد مدير مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة (كريم الأتاسي)، الذي كان ينتظر المسيرة بباب المخيم، لكنه رفض استلامها.
مذكرة (*)
نظراً لمرور وقت طويل على بقائنا في الصحراء وفقدان الأمل بالعودة المشرفة والآمنة لوطننا الحبيب، والمصير المجهول لآلاف اللاجئين واستمرار الحلول الجزئية، نناشد المجتمع الدولي متمثلا بمنظماته الإنسانية، العمل على رفع أصواتنا إلى العالم..معبرين عن ذلك بمسيرة سلمية حضارية صامتة، تتناسب مع اللوائح القانونية لإتفاقيات جنيف، آخذين بنظر الإعتبار ازدياد الانهيارات العصبية والنفسية لدى شريحة واسعة من اللاجئين.
ان عملنا هذا لا يتوخى الضغط على أية جهة، وإنما يهدف لنيل المساعدة الإنسانية وتأكيد مشروعيتنا بالمطالبة القانونية والإنسانية من خلال النقاط التالية:
1- رفض التوطين في المملكة العربية السعودية بهذا الشكل، حيث أن المملكة لم تصرح رسميا للاجئين بالاقامة داخل مدنها.
2- البحث عن دولة ثالثة للاستيطان المؤقت تستوفي الشروط القانونية والإنسانية.
3- مناقشة ماصدر من مكتب المفوضية السامية حول ترحيل 25% من اللاجئين وبقاء نسبة75 % لفترات قد تمتد لسنوات طويلة مما يعني توطين اللاجئين ضد رغبتهم، مما أدى إلى العودة الإجبارية بشكل غير مباشر.
4- تحديد المعوقات حول ترحيل المكفولين إلى جمهورية إيران الإسلامية والدول الأخرى والإسراع في ترحيلهم.
5- إفساح المجال أمام وفد اللاجئين لغرض مقابلة أي جهة أو وفد له صلاحية تقرير مصير اللاجئين، علماً نُشر خبر قدوم وفد من المفوضية السامية العليا لشؤون اللاجئين في الأيام القادمة.
والله من وراء القصد وهو المستعان
اللاجئون العراقيون
مخيم رفحاء - جمادي الأول 1413 هجرية - كانون الأول 1992ميلادية
زيارة السيدة أوغاتا
في منتصق الشهر الثاني من عام 1993 كان اللاجئون ينتظرون بشغف، زيارة السيدة ((أوغاتا)) رئيسة المفوضية السامية إلى المخيم، وسبب شغفهم أنهم كانوا يعتقدون بأن المفوضية تعمل خارج منظومات السياسة وتطلباتها، وتتخذ من النظرة الإنسانية منهجا لرعاية مخيمات اللاجئين في العالم وماأكثرها؟!.ورافق السيدة أوغاتا في زيارتها عبد المولى الصلح.
أعد اللاجئون لليوم الموعود أشرطة (فيديو) وأشرطة صوتية وصورا فوتوغرافية، وكانت جميعها تظهر الجنود والشرطة السعوديين في أسوأ حالاتهم وهم يمعنون في إذلال اللاجئين وقهرهم، وقد تم إعداد الوثائق سرا خوفا من الوكلاء والمخبرين. وصلت السيدة (أوغاتا) إلى مخيمنا صباحا، في طريق عودتها من مخيمات البوسنة والهرسك، وأعلنت حال وصولها، أن لديها من الوقت ( 40 دقيقة فقط!)، تسافر بعدها إلى مكتبها في جنيف، وكان وفد اللاجئين المكون من سبعة رجال حضر اللقاء القصير، وكل واحد منهم خبأ تحت قمصلته وثيقة، تدين الممارسات التي تقوم بها السلطات السعودية في المخيم بحق اللاجئين.
من جانبهم هيأ الضباط السعوديون شهود الزور من الوكلاء والمخبرين، وكذلك أشرطة (فيديو) ممنتجة جيداً في ستوديوهات المخابرات السعودية بالرياض، لغرض عرضها أمام السيدة.خلال اللقاء حدثتْ مشادة كلامية حامية بين العميد محمد المغربي قائد المخيم، ووفد اللاجئين برئاسة أحد زملائنا ويدعى (علي)، مما حدا بالمغربي إلى أن يصفع عليا بقسوة أمام السيدة (أوغاتا) ، وذلك لإلحاحه بضرورة مقابلتها على انفراد!!
وانفض الاجتماع الذي لم يدم أكثر من عشرة دقائق!
السعوديون من جانبهم كانوا يعوّلون أيضا على هذه الزيارة لأسباب نجملها:
1- إسكات الأصوات المطالبة بالكفّ عن مصادرة حرياتنا من قبل السلطات السعودية، واضطهادنا وتسليم الكثيرين منا إلى الحدود، قبل انشاء مكتب للمفوضية في المخيم، وكانت تلك الأصوات عراقية معارضة وعربية ودولية ومنظمات إنسانية.
2- لكي تطلع السيدة المفوضة السامية بنفسها على المخيم الجديد، وليس مكب النفايات المخيم القديم، الذي انعدمت فيه الشروط الإنسانية، ونظرا لهذا أي التحسن الطفيف في سكن اللاجئين، فليس أمام السيدة أوغاتا إلا أن تقدم الشكر والإمتنان للحكومة السعودية، وذلك مافعلته خلال تلك الزيارة.
3- أما السبب الأكثر أهمية فهو في تقديري، ماسوف تثبته أحداث شهر رمضان الكريم، التي سنأتي على ذكرها بالتفصيل، وهو أن الحكومة السعودية كانت تخطط فعلا لمذبحة رمضان، وكانت أعقبت زيارة السيدة أوغاتا بشهر واحد لاغير.وماكان كريم الأتاسي ليفوّت فرصة ذهبية كهذه، فرصة الظهور أمام رئيسه عبد المولى الصلح، المرافق للسيدة أوغاتا بمظهر الموظف النزيه، والإنتقام من آلاف اللاجئين في حوزتهم أدلة، تثبت تهاون مندوب الأمم المتحدة شخصيا وعدم حياديته، ولهذا فقد أعد المذكور كل شيء على مقاسات الحكومة السعودية، وقيادة المخيم والمخبرين الأمراء الذين اجتمعوا مع السيدة أوغاتا (بعد اجتماعها مع وفد اللاجئين)، وكالوا المديح تلو المديح للحكومة السعودية بحضور ودعم الأتاسي نفسه.