ودعت بغداد فعز فراقها . . فعلمت اني لاازال اشتاقها |
وانا في الساعات الاخيرة لوداع بغداد , هجمت علي هواجس الحزن والغضب والقلق والحسرة ونار الالم , من الحالة الكئيبة والشاحبة والمزرية والماساوية , بما آلت اليه الحال عاصمة العراق , من الاهمال والنسيان وسؤ التخطيط , وسؤ الحرص والمسؤولية , والتقصير بواجب الخدمات الى حد ارتكاب جريمة لاتغتفر بحق بغداد , فسؤ التوزيع العشوائي , وسؤ ادرة شؤون بغداد , وانعدام النظام والتنسيق في شؤون الخدمات البلدية , بترتيب المدينة وتنظيمها على قاعدة موروثها الثقافي والحضاري والتاريخي والاجتماعي , فقد وجدت بغداد في حالة يرثى لها , فسماءها مملؤ بالاتربة والتلوث البيئي الملوث والمضر بالصحة وجلب مختلف الامراض , فقد غاب الاهتمام بالتنظيم والتنسيق والترتيب والعناية الضرورية , وقلة الاشجار والتشجير وانعدام الاحزمة الخضراء , وقلة الحدائق والمتنزهات المهجورة, التي تعتبر اوكسجين لسكنة بغداد , مما اثر بشكل سلبي وخطير في تلوث اليبئة والجو الوخيم والثقيل , فوجدت بغداد ترثي وتنعي وتبكي على معالمها الحضارية والتاريخية والثقافية والاجتماعية والفنية التي تشهد الانقراض المتعمد والمقصود , التي كانت يوما مدعاة للفخر والاعتزاز والكبرياء والحياة النابضة بالحيوية والنشاط, وكانت وجزء من شموخها وعنفوانها الناظر, فكانت صورة جميلة يتغزل بها الشعراء والكتاب , فقد غاب واختفى ذلك الزمن الجميل . وحل محله الخراب والدمار والموت البطيء , حيث الغبار والرمال والتربة المصحرة والجدب وفقر الاعمال , وانعدام المسؤولية بالتهميش والانغلاق المعيب , وعدم الشعور بالواجب والمسؤولية , حيث الجدب في الخدمات البلدية وقلة الاعمار والاصلاح والتنظيم , حيث الاختناق والخراب والبيئة الملوثة , فقد يتحمل الكامل المسؤولية , الذين تولوا ادارة شؤون المحافظة طيلة عقد من الزمان , وان المليارات الدولارات التي رصدت لبغداد , ذهبت لجيوب حيتان الفساد . لو كان هناك عدل وقانون للدولة العراقية , لكان هؤلاء المقصرين واللصوص والسراق الذين انتهكوا رياحين بغداد الجميلة , مصيرهم السجن المؤبد ومصادرة اموالهم وممتلاكاتهم , الذين اساؤوا الى بغداد وحكموا عليها بالموت البطيء , انها جريمة لاتغتفر , تدل على انعدام الضمير والوجدان , والجشع والطمع وشهوتهم الى المال الحرام , ان الذين تولوا شؤون بغداد تاجروا بارواح سكنة بغداد , من اجل اللغف والنهب والشفط , فلا احزمة خضراء , ولا حدائق ولا تشجير الاشجار , ولا بيئة حضارية ولا انسانية تليق لعاصمة لدولة نفطية , فلا تنظيم بل فوضى عارمة , ولا عمل مبرمج يعطي ثماره , حيث الاختناقات المرورية والازدحامات المجنونة , الذي لايتصوره العقل السليم , حيث تتعطل حركة المرور لساعات , بسبب عشرات سيطرات التفتيش , كأنها وجدت لارهاق اعصاب المواطنين وتعذيبهم النفسي والجسدي , بحجة الحماية الامنية وردع الجماعات الارهابية , بينما هؤلاء الوحوش يمرون من سيطرات التفتيش بطرق مريبة دون عوائق وصعوبات , لقد غابت عن بغداد البيئة النظيفة والمريحة التي تليق بعاصمة دولة غنية بمواردها النفطية, وبسبب غياب الكفاءات والخبرة والمسؤولية , وغياب الجهد المسؤول والحريص , حيث اكوام النفايات والازبال والقمامة في كل زاوية , وتلوث المياه وانتشار البعوض والذباب بشكل كثيف في كل مكان , وخراب مجاري شبكة الصرف الصحي , والحفر والشوارع غير الصالحة لسير السيارات , والطرق الترابية والاختناق , وقلة تقديم خدمات البلدية الناجحة في تأدية عملها , لذا بدأت بغداد غريبة عن وجهها المعروف وكئيبة متشحة باثواب الحزن والمرض , رغم انها كانت مدعاة فخر واعتزاز ، بانها كانت تتميز بالتنوع الحضاري والثقافي والاجتماعي , وكثرة المراكز الثقافية والترفيهية والفنية , وكثرة ساحاتها الجميلية بالنصب والتماثيل والجداريات الفنية التي تمثل قصص الف ليلة وليلة , , وحين مررت بساعة الوداع على المنطقة الخضراء ( بؤرة الفساد والجريمة والشؤوم ) كانت السماء تنزف من الاتربة والغبار بشكل كثيف , بحيث يحجب الرؤية لمسافات قليلة , تساءلت اين ذهبت المليارات الدولارات ,التي رصدت لبغداد ؟؟ .بغداد التي كانت قبلة للشعراء والكتاب , الذين كانوا يتنغموا بها كالحبيبة النظارة والجميلة , فقد تنغمت بها فيروز |