ذكر السيد جون برينان، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في حديث متلفز استغرق 60 دقيقة، ان داعش قد استخدم اسلحة كيمياوية في ساحات الحرب في العديد من معاركه في العراق و سوريا. و قد جاء هذا الاعلان بعد عدة ايام فقط من اعلان السيد جيمس كلابر، مدير الامن الوطني الامريكي أثناء الادلاء بشهادته امام لجنة من الكونغرس الامريكي و الذي أكد فيه استخدام داعش لمواد كيمياوية سامة بما فيها غاز الخردل في كل من العراق و سوريا، و بالتحديد في اوغسطس 2015 ضد المقاتلين الكورد في كوباني على الرغم من عدم توفر مصادر موثوقة حول عدد الضحايا و حجم الضرر الذي أصاب المقاتلين الكورد. لم تكن هذه التصريحات هي المرة الاولى التي يتم توجيه هذا الاتهام الى داعش بسبب استخدامه للاسلحة الكيمياوية. ففي بدايات العام 2015، أفاد الصحفي ادم ويذنال في تقرير وجهه الى الاستخبارات الاسترالية و ذكر فيه ان داعش تمكنت من الحصول و الاستيلاء على مواد كيمياوية من المنشآت الحكومية في العراق و سوريا تكفي لصنع قنابل كيمياوية كبيرة و مدمرة. كما ان المراسل الحربي البريطاني المختطف جون كانتل، بعث ببرقية تحذيرية، يحذر فيها امكانية قيام داعش بفضل البلايين من الدولارات التي تمكلها، من شراء قنبلة نووية من دول مثل الباكستان و نقلها الى نيجيريا و من ثم تهريبها الى الولايات المتحدة الامريكية عن طريق المكسيك من خلال استخدام نفس الطرق و المسالك و الشبكات المستخدمة حالياً في تهريب البشر و المخدرات. وعلى الرغم من صعوبة هذا الاحتمال، إلاً انه على الاقل يشير الى العقلية التي يفكر فيها داعش حالياً. ان داعش ليست المنظمة الارهابية و الجهادية الوحيدة التي تحاول و منذ أمدٍ طويل للحصول على الاسلحة الكيمياوية و البيولوجية و النووية. كما ان عدداً من المنظمات و الافراد الارهابيين قد استخدموا فعلاً او اختبروا البعض من هذه الاسلحة. و في هذه الاطار و نظراً لان داعش قد تكون في موقع يؤهلها لامتلاك اسلحة الدمار الشامل و قد هددت باستخدامها ضد الدول الغربية، فإن على الحكومات الغربية اخذ ذلك بنظر الاعتبار. الصراع المزمن: لقد ادركت المجاميع الجهادية بأنها قد دخلت في صراع غير متكافئ وطويل مع الغرب و ان ليس بإمكانها تحقيق نصر عسكري و الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة مع الدول الغربية. كما انها تدرك الكره الغربي و عدم تحمله لسقوط عدد كبير من الضحايا و الاصابات بين افراد الجيش او المدنيين، حيث ذكر ابوبكر ناجي احد ابرز الاستراتيجيين في الحركات الجهادية، بأنه لو تم تكبيد الامريكان عشر الضحايا و الاصابات التي تكبدها الجيش الروسي في افغانستان، لولًى هارباً لا يلوي على شئ، لان تركيبة الجيوش الغربية و الامريكية الحالية تختلف عن تركيبة جيوشها في زمن الاستعمار. حيث ان هذه الجيوش قد وصلت الى درجة من "الخنوثة" لا تمكنها من تحمل الحروب الطويلة الامد، و لقد تم تعويض هذا الضعف لدى هذه الجيوش عن طريق الهالة التي ترسمها وسائل الاعلام الخادعة حول هذه الجيوش و تصويرها بأنها لا تقهر. كما يدرك الجهاديون بان اسقاط الغرب عن طريق تكبيده عدداً كبيراً من الضحايا، يستغرق وقتاً طويلاً، و يظهر هذا جلياً في حديث اسامة بن لادن عندما قال بان الحرب و المواجهات و النزاعات بيننا و بين الغرب قد بدأت قبل قرون عدة و سوف تستمر الى يوم القيامة. داعش تستند الى نفس هذه الحجة و القول، حيث أكَد ابو محمد العدناني و هو المتحدث الرسمي بإسم داعش مخاطباً الغرب" سوف نحتل روما، و نكسر صلبانكم، و نسترق نساءكم و حتى ان لم نشهد ذلك اليوم، فإن اولادنا و أحفادنا سيكملون هذه المهمة".
و لهذا السبب، فإن المواظبة و الاستمرار على القيام بالهجمات و ايقاع الضحايا هي مسألة حيوية بالنسبة لهم. وهي دلائل على قدرتهم و تساعدهم على كسب و تجنيد المزيد من الانصارو الدعم. كما ان طبيعة الهجمات هي الاخرى مهمة جداً بالنسبة لهم، و يتوجب عليهم إبراز هذه الهجمات و اخراجها بشكل جيد و ملفت للانتباه و التركيز على ايقاع اكبر عدد من الضحايا و الدمار، و خلق حالة من الرعب لدى الناس، و حالة من البطولة لدى افرادهم كما في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
القنبلة القذرة: من اين أتت اسلحة الدمار الداعشية؟ الادلة التي وجدت في عام 2000، 2001، في احدى معسكرات التدريب في أفغانستان تؤكد ان هذه المنظمة كان مهتمة جداً في الحصول على اسلحة الدمار الشامل و اجهزة الفصل الاشعاعية او ما يسمى "بالقنبلة القذرة". في عام 2003، صدرت فتاوى من كل من اسامة بن لادن و احد كبار شيوخ الدين في السعودية الشيخ ناصر بن فهد، تشرعن استخدام اسلحة الدمار الشامل. وفي إشارة مماثلة، قال الناطق الرسمي للقاعدة سليمان ابو غيث، بأنه "من حق القاعدة استخدام هذه الاسلحة لقتال الكفار و اتباعها و اصابة اكبر عدد منهم كما فعل الامريكان "عندما استخدموا هذه الاسلحة في حق المسلمين"!!. في شباط 2003، حذرت مكتب التحقيق الفيدرالي من أن القاعدة و اخواتها مستمرة في تعزيز قدراتها لانتاج اسلحة الدمار الشامل و انها بالفعل تملك الامكانيات لاستخدام هذه الاسلحة، و لكن لحد الان لم تتمكن القاعدة من استعمال اي من هذه الاسلحة. في سبتمبر 2010، قال السيد ميشيل ليتر، مدير مركز مكافحة الارهاب الوطني، انه على الرغم من النجاحات التي تم تحقيقها في منع الارهابيين من الحصول على هذه الاسلحة لحد الآن، و لكن خطر هذا التهديد لايزال مصدر قلق كبير لان القاعدة و اخواتها لا تزال تبحث و تسعى للحصول على الامكانيات التي تمكنها من صنع هذه الاسلحة. بالاضافة الى ذلك، فان مجموعة من المنظمات الجهادية المرتبطة بالقاعدة مثل مجموعة التوحيد و الجهاد السلفية و التي تحولت بعدئذٍ الى ما يسمى بالقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، تمكنت بنجاح من صنع غاز السارين السام في مختبرات تحت الارض في لندن. كما تشير تقارير اخرى ان داعش من جانبها تمكنت من صنع مواد كيمياوية و بيولوجية من مستودعات هذه الاسلحة في العراق و خاصة في مجمع المثنى للاسلحة الكيمياوية، و في سوريا ايضاً، من المستودعات التي لم يتمكن الرئيس السوري بشار الاسد من تدميرها. كما ان داعش تمكن من تجنيد خبراء هذه الاسلحة من مختلف انحاء العالم و من ضمنهم اولئك الذين عملوا مع الرئيس العراقي صدام حسين و في جامعة الموصل العراقية. في كل هذه الامثلة، يبدوا ان استخدام العنف و القتل الجماعي هو من صلب العقيدة الارهابية سواءأ نتج ذلك عن طريق استخدام البنادق الكلاسيكية او المواد المتفجرة او اسلحة الدمار الشامل. و لكن، و الى حد فترة ما قبل ظهور داعش، كانت فكرة استخدام اسلحة الدمار الشامل من قبل المجاميع الارهابية تبدوا الى حدٍ ما، لعبة سيئة او خطرة على الرغم من ان هذه المجاميع كانت تهدد على الدوم بإستخدامها و لكنها في الواقع اعتمدت اكثر على الاساليب و التكتيكات التقليدية في بث الرعب و ارهاب الناس.
و لكن و مع ظهور نسخة داعش من الارهاب، تبين بأنها لا تأبه بالنتائج المحتملة لاستخدام هذه الاسلحة و ذلك للتشدد و التطرف الديني الكبير التي تمتاز بها ايديولوجية داعش في كافة اعمالها و قراراتها. داعش تدًعي بان المعركة النهائية او الفاصلة بين الاسلام و الكفار ستقع في منطقة دابق في سوريا قبل يوم القيامة، و هذا الزعم و العقيدة كانت السبب الرئيسي التي تمكنت داعش بسببه من جذب و تجنيد الالاف من الانصار و المنتمين الجدد، و اذا ما تمكنت داعش من استخدام هذه الاسلحة بشكل ناجح، فإنها بالتأكيد ستدرب المجاميع الارهابية الاخرى على استخدامها ايضاً. و بسبب النتائج الكارثية التي ستنجم عن استخدام اسلحة الدمار الشامل من قبل الارهابيين، يتوجب على الغرب و الامريكان عدم الاستخفاف بما تدعيه و تمتلكه داعش من الامكانيات الخاصة بإنتاج و استخدام هذه الاسلحة على ارض المعارك و خاصةً بعدنا ثبت استخدامها ضد قوات البيشمركة الكوردية في مواقع و معارك عديدة و أكدتها مختبرات علمية غربية و امريكية. و على المجتمع الدولي و قوات التحالف الدولي البقاء في حالة يقظة دائمة لاجهاض أي محاولة اخرى تقوم بها داعش باساتخدام هذه السلاح الفتاك لان تكرار استخدامه سيؤدي الى اضعاف معنويات القوات التي تحارب داعش على الارض و التي تمكنت من دحره و هزيمته في المعارك التي خاضتها ضد هذا التنظيم الارهابي طيلة عام 2015. ان اهمال او الاستخفاف بهذا التهديد المخيف خطير جدا. |