النظام والفوضى

 

نظام المرور ، وانسيابية الحركة في الشارع ، والنظافة تعطي صورة عن  الشعوب وأنظمتها ، وقيمة الوقت ، ومدى الاستفادة منه ، وإحترام حق الانسان في عيش هانيء ، وتسهيل وصوله  الى هدفه بيسر وراحة ، قبل الدخول في التفاصيل الاخرى عن حياتها ، ومستوى تطورها في المجالات الاخرى ….

 

والنظام والالتزام سمة الشعوب التي تؤمن بالتطور، والوقت أحد عناصره الاساسية ، على العكس من  ( الفوضى  ) ، والعشوائية ، أو ما يسمى باللجهة الشعبية الدارجة ( الخربطة ) ، التي تعكس حالة سلبية ، تترتب عليها خسائر مادية ، واضرار صحية ونفسية ، وتجاوز على حق الانسان في حياة سليمة ، وخدمات مناسبة ..

 

وليس مبالغة عندما يكون التعامل  في الدول المتقدمة التي تحترم الوقت بالثواني وليس بالدقائق فقط ، والخلل أو عدم الالتزام بالمواعيد مثلا يكون له اثره المباشر على مرافق عديدة تقدم خدماتها للانسان ، والتأخر ثوان  معدودة يؤدي الى حصول ارباك في عمل القطارات والمطارات والشركات والمؤسسات ،  والخدمات الطارئة ،  وغيرها ، لأنها حلقات متصلة في سلسلة مترابطة  في الزمن ، ومحكومة بنظام صارم  ..

 

بينما الحالة عندنا تختلف تماما حيث يفقد المواطن ساعات طويلة في فوضى الشوارع ، واختناقات المرور ، وطوابير السيارات الممتدة عند نقاط التفتيش ، أو عند عبور جسر ، أو مجسر ، لا يتجاوز طوله عدة أمتار ، او اجتياز ساحة صغيرة  ، دون أي إعتبار لقيمة  الوقت ، وتبعات التأخير والانتظار المادية ،  أو الصحية او النفسية على سالك الطريق ..

 

 والاختناقات هنا ليست حالة طارئة ، او ظرفية فقط ،  لكي يتحملها المواطن ، بل اصبحت مشكلة مزمنة ، تخنق المدينة ، وتسد مداخلها الداخلية والخارجية ، لانها شبكة متصلة مع بعضها ، تدخل  الانسان في شرنقتها ، وتعرقل الحركة العامة  ، وضياع في الوقت في امور غير مجدية … لأنه ما أن يجتاز إختناقا ، حتى يجد نفسه قد وقع  في أخر بشكل يجعله مشدود الاعصاب ..

 

فالعملية في غاية الاهمية ، وتتطلب الاصلاح أيضا ، لان استمرارها على هذا المنوال يزيدها تعقيدا …

 

فكم من الساعات تذهب هدرا في زحمة الشوارع ، دون أن  يفكر صاحب  القرار بحل لهذه الثروة الضائعة ، وهو يرى طابور السيارات ممتدا لمسافات طويلة ، ما دام الطريق سالكة امامه …..

 

فهل تعرف الجهات المعنية  على سبيل المثال كم من الوقت يستنزف المواطن يوميا في الصباح من جسر البياع الى مستشفى اليرموك صباحا مثلا ، وهي مسافة قصيرة لا تتجاوز امتارا قليلة جدا ، يمكن قطعها بثوان  لو كانت الطريق سالكة ، وما أن يجتاز هذه العقدة المرورية ، حتى يدخل في  أخرى .. وقس على ذلك حالة الاختناقات والطوابير الممتدة لمسافات طويلة أمام جامعة بغداد في الصباح وعند انتهاء الدوام ، وعند مدخل  مدينة بغداد من جهة جسر ديالى الذي يربط بغداد بالمحافظات الجنوبية صباحا.. والقائمة تطول وتطول ، وتمتد بامتداد شوارع بغداد وأحيائها ..

 

العالم المتطور ينظرالى اليوم وعلاقته بالغد ، وفق قانون التطور.. ونحن نخسر  الساعات والايام والسنين دون اعتبار لقيمتها ، وتكاد الدقائق تكون ملغاة من حساب الزمن ،  وكأنها ليست من الوقت ، ومن أجزاء الساعة .. مثلما هي العملة الصغيرة  ، لم تعد ذات قيمة ، بعد ان أصبح التعامل بالالالف والملايين والمليارات ..

 

والوقت عند الشعوب المتطورة له قدسية ، ويعد ملكية عامة ، وليس خاصة ، لأن  الشعب ، أو ( رب العمل )  الخاص يدفع  ما يعادله أجرا ، وهو ( حلقة ) محسوبة في عملية التقدم  ، ويخرج من الظرفية  الزمانية ليكون ضمن نظام الحياة بكاملها ، وبجميع مرافقها ..

 

 فالى متى تستمر هذه الفوضى في شوارعنا .. وهذا الفساد في الوقت الضائع ..

 

ألا يحتاج الى إصلاح ..؟…

 

فادارة الوقت عملية مهمة في حياة الشعوب ..

 

{{{{{{

 

كلام مفيد :

 

  البعد لا يعني أبدا القطيعة .. بعض الاحيان نبتعد عن الاشياء لنراها بصورة أوضح ، وربما أجمل ، وربما رجعنا  اكثر إشتياقا … ( الشاعر فاروق جويدة ) ..