غزو العراق وسباق الرئاسة الأمريكية |
مرت ثلاث عشرة سنة على غزو العراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية بعد ان حصل جورج بوش على دعم وتاييد 49 دولة وتقديمه مبررات باقناع الراي العام الامريكي لغزو العراق ، اهمها رفض الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين تطبيق قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل، مدعين امتلاك العراق اسلحة دمار شامل، ففي 19 اذار 2003 بدأ الغزو الامريكي للعراق وخلال أيام معدودة اسقط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس وسقطت في بغداد بسرعة لم يتوقعها احد بسبب انعدام الثقة بين الجيش العراقي وقوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص من جهة والخيانة بين كبار ضباط الحرس الجمهوري من جهة اخرى، الا ان الحقائق ظهرت في ما بعد ، فلم يكن العراق يمتلك اسلحة دمار شامل والتي اتخذت منها الادارة الامريكية حجة وذريعة واهية لغزو العراق واستباحة اراضيه وتدمير بناه التحتية وتفكيك مؤسسته العسكرية وحل جيشه مما سبب انهيار وضياع البلد ، حيث يمر اليوم بازمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متفاقمة بعد ان اشتعلت نار الفتنة الطائفية والقومية ووصل الحال الى حافة الحرب الاهلية عندما اقدم الارهابيون علىى تفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء في 22 شباط 2006 . وعلى الرغم من عدم ظهور ادلة وحقائق واسباب تدعوا لغزو العراق الا ان الادارة الامريكية لم تبالي ولم تندم على فعلتها الشنيعة ، بل راحت تتمادى اكثر في غيها عنما اعلن الرئيس الامريكي جورج بوش صراحة في اب2004 قائلا (حتى لو كنا نعرف قبل الحرب مانعرفه الان من عدم وجود اسلحة دمار شامل محضورة بالعراق ، فانه كنا سنقوم باجتياح العراق) لان وراء احتلال العراق اهدافاً اخرى غير اسلحة الدمار الشامل وهو السيطرة على بلد يمتلك ثاني احتياطي نفطي بالعالم ، والسيطرة على سوق النفط العالمية وتجنب حصول ازمة وقود في الولايات المتحدة ودعم الدولار الامريكي خاصة بعد اعلان العراق تغيير العملة المتداولة في سوق النفط العراقي من الدولار الى اليورو عام 2000 هذا القرار الذي احرج الولايات المتحدة واخذت تكيل الاتهامات وتردد بان العراق لايزال يصنع اسلحة كيمائية ويمتلك اسلحة دمار شامل، وراحت الادارة الامريكية الى ابعد من ذلك وادعت ان العراق له علاقة بتنظيم القاعدة ولكن اتضح ان هذا الاتهامات باطلة ولا اساس لها من الصحة .محاربة الارهاب ذريعة اتخذتها امريكا لغزو الشرق الاوسط لتبرير تواجدها في المنطقة حيث قامت بغزو افغانستان وبعدها غزو العراق واستمرت تدخلاتهم المشبوه في بلدان الشرق الاوسط فبدأو يتدخلون في سوريا ولبنان ومصر وغيرها من الدول التي لاتؤيد سياستها . غزو العراق تسبب في قتل اكثر من ربع مليون عراقي مدني وجرح 550 ألف شخص، يضاف الى ذلك التفجيرات المستمرة واعمال العنف وعدم الاستقرار والخراب والدمار الذي لازال متواصلا ، وتفكيك مؤسسات الدولة وتصعيد النعرة الطائفية ورغم انسحاب القوات الامريكية من العراق في كانون الاول 2011 الا ان العراق بقي مفككا يعيش تحت وطأة الازمة السياسية الحادة والانهيار الاقتصادي المرعب والحرب المستمرة على الارهاب التي يدفع ثمنها كل يوم من تضحيات بشرية جسيمة قتلى وجرحى ومعوقين يضاف الى الاعداد التي خلفتها الحرب العراقية الايرانية في ثمانينات القرن الماضي ، ناهيك عن الخسائر المالية الفادحة التي تقدر بالاف المليارات من الدولارات. ديمقراطية امريكا التي جاءت بها للعراق لم تخلف سوى تفكيك الدولة الموحدة والقوية والانهيار الاقتصادي والاجتماعي والدمار والاقتتال المستمر والارهاب . في سباق المرشحين للرئاسة الامريكية المقبلة قال المرشح الجمهوري (دونالد ترامب). ان تدخل الولايات المتحدة في العراق عام 2003 ادى الى زعزعة الشرق الاوسط وظهور داعش ، جاء ذلك خلال حملته الانتخابية في اجتماع نظمته قناة ( سي ان ان) الاخبارية في ولاية كارولاينا الجنوبية الخميس 18 شباط 2015 حيث قال ( ان زعزعة الشرق الاوسط في الكامل بدأت من الحرب في العراق تحديدا) معتبرا قرار واشنطن الخاص بالتدخل في العراق اسوأ قرار اتخذته حكومة اي بلد في اي وقت مضى ، وحمل ترامب مسؤولية هذا القرار الكارثي الى الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الابن مشيراً الى ان ذلك ادى الى ظهور داعش واندلاع نزاعات مسلحة داخلية في سوريا وليبيا ، وكذلك ازمة اللاجئين التي تواجهها اوربا وزيادة الخطر الارهابي ، واضاف المرشح الجمهوري قائلا( لااحد يعرف حتى الان لماذا تدخلنا في العراق ) مشيرا الى عدم العثور على اسلحة الدمار الشامل هناك ، وان منفذي هجمات 11 ايلول لم يكونوا من العراقيين .وفي مناظرة مع المرشح الجمهوري ( جيب بوش) قال تراميب في 14 شباط 2016 ان الولايات المتحدة صرفت على غزوها للعراق 2 ترليون دولار وفقدت الاف الارواح من مواطنيها ، واوضح ترامب ان غزو الولايات المتحدة للعراق خطأ جورج بوش مضيفاً كلنا يمكن ان نرتكب خطأ ، و لكن هذا الخطأ مختلفاً ، كان يجب علينا ان لانذهب الى العراق ، نحن من دمر الشرق الاوسط ، لقد كذبوا علينا وقالوا ان هناك اسلحة دمار شامل ، ولكن لم تكن هناك اسلحة دمار شامل وهم يعرفون ذلك جيداً ، أخذ ترامب يطلق التهم بوجه منافسيه ومن هذه التهم غزو العراق بدون مبرر،ولم يجرؤ اي من منافسيه الرد عليه أو أدحاض اقواله هذه هي امريكا راعية الارهاب وعدوة الشعوب ومستعمرتها باستعمار من نوع جديد ،وقبل هذا وذاك سيبقى غزو العراق نقطة سوداء في جبين حكومات الجامعة العربية التي لاذت بصمت رهيب ازاء قوات الاحتلال وهي تدك أسوار بغداد ،وتسفك دماء شعبه وتخرب مؤسسات دولته وتهين مؤسسته العسكرية ،وتستبيح ثرواته .غزو امريكا للعراق سيبقى عالقا في أذهان العراقيين ،لعقود طويلة ،وستذكرها الاجيال جيلا بعد جيل ،وستتكرر ذكرياتها على مر الايام وسيكتب التاريخ همجية العدوان الامريكي بروايات مختلفة ،وستبقى اثاره شاخصة للعيان ، ولن تمحى عن ذاكرة العراقيين ،والسؤال هنا هل يستطيع العراق النهوض وازالة ركام وحطام تلك الحقبة الزمنية السوداء ،وينظر بتفاؤل الى مسقبل مشرق لاجياله ؟. |