قمصان بيض

وهي تحتضن اوراق محاضراتها ، وجدت الطالبة الجامعية ميس نزار ميتة في حجرتها اثر انهيار عصبي بعد مطالعتها لامتحان اجباري طوال الليل ،ولمن لايتذكرها نقول ان ميس هي طالبة من جامعة الكوفة كانت تدرس في الكلية التقنية وتم قبولها فيها لحصولها على معدل عال جدا فهذه الكلية كانت ضمن المجموعة الطبية ومدة الدراسة فيها خمس سنوات وبعد الغاء السنة الخامسة واعتبارها كلية عادية بدأ الطلبة يتظاهرون ويعتصمون عدة مرات لاعادتها الى المجموعة الطبية واعتبار شهادة الطلبة اختصاصية في الطب التقني اسوة بالكليات التقنية في الدول الاخرى وكانت ميس بينهم لكن اعتصام الطلبة قوبل بالتجاهل من قبل وزارة التعليم العالي وقال لهم وزير التعليم العالي آنذاك علي الاديب ( اذا اردتم دراسة الطب فادرسوا في دول اخرى ) لان معدلاتهم التي تصل حتى 95 درجة لم تعد مقبولة في المجموعة الطبية ، وكانت ميس التي شاركت بالاعتصامات قد احيلت مع زملائها الى مجلس تحقيقي وحرمت من المنحة الدراسية في حينها لمطالبتها بعدم فض الاعتصام ثم اجبرت بعد رفض مطالب المعتصمين على خوض الامتحانات فلم تحتمل الاحباط والفشل والاذلال وفارقت الحياة بسبب ذلك ..ولم تتوقف الاعتصامات بعدها ولم تتحقق مطالب المعتصمين ايضا ...
يقال ان الثورات تبدأ بالطلبة فهم أول من يشعلها واول ضحاياها ايضا ، ومؤخرا ، وبعد التظاهرات التي قام بها طلبة جامعة المثنى لرفض دخول وزير التعليم حسين الشهرستاني الى الحرم الجامعي انطلقت شرارة ثورة طلابية فخرج طلبة جامعة الكوفة ثم جامعة كربلاء ليرفضوا دخول الشهرستاني الى جامعاتهم ايضا ولينادوا بمطالبهم ويرفضوا الفساد في التعليم والبلد بجميع مفاصله ..وانتقلت الشرارة الى الجامعة المستنصرية ايضا فخرج الطلبة ليحملوا لواء ثورة ( القمصان البيض ) كما اطلقوا عليها، فهل سيلاقي كل هؤلاء الطلبة بمختلف مشاربهم ومذاهبهم واهدافهم مصير ميس اذا ماقوبلت تظاهراتهم بالتجاهل ؟....
يقول ميخائيل نعيمة :" الشباب ثروة وثورة " لذا فهم يستحقون ان تدعوهم يتنفسون هواء الحرية الذي حرموامنه طويلا ويطالبون بحقوقهم المغبونة ..شبابنا ثروة حين يقيمون مشاريعا للعمل التطوعي هدفها خدمة العراق ويشاركون في التجمعات الثقافية ويتفوقون في دراستهم فلا تدعوهم يصبحون ثورة حين تجعلون مستقبلهم مظلما وتضعون في طريقهم العراقيل ...وتذكروا دائما ان "مصير كل أمة يتوقف على شبابها " كما يقول غوته فلا تجعلوا مصيرهم بائسا كمصير ميس لأن الشباب قد لاينتظرون الاحداث بل يصنعونها ...