ويكيليكس والكرد وبرقيات كيسنجر

 

انها ويكليكس مرة أخرى، لكن في هذه المرة هي جولة في التاريخ الكردي بعين أميركية في سبعينيات القرن الماضي. جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكليكس نشر قاعدة بيانات لوثائق دبلوماسية تخص هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركية ابان السبعينيات. البرقيات التي تم نشرها، هي تلك الموقعة باسم كسنجر خلال تلك الفترة، ولم تكن سرية وانما متاحة في الارشيف القومي. والسبب الرئيس الذي دفعه لتجميعها وعرضها بهذه الطريقة، هو انه "لا يمكن الوثوق بادارة الولايات المتحدة، في الحفاظ على تاريخ تعاملاتها مع بقية العالم" بحسب قوله. نظمت قاعدة البيانات بصورة سهلة للمستخدم بطريقة يمكن للناس العاديين – لا المؤرخين والمتخصصين فقط – ان يطلعوا عليها بسهولة. كصحفي، تصفحت الموقع www.wikileaks.ch ومن ثم بحثت عن الكلمات الاكثر استعمالا كـ(الكرد، كردستان، الكردية، الحزب الديمقراطي الكردستاني، البارزاني، الطالباني، الخ..). ووجدت العديد من البرقيات التي اكدث ثبات موقف الولايات المتحدة غير المهتم بالكرد. الجزء الأكثر اثارة للدهشة هو أن الولايات المتحدة استمعت دائما للاخرين بشأن "المشكلة" الكردية في سياستها تجاه الكرد. اذا كانت هناك سياسة كردية للولايات المتحدة اصلا فهي شكلتها بعين الشاه والسفير التركي في بغداد، والسفراء الآخرين. الموقف الأميركي تجاه الأكراد، كان دائما يمليه ما قاله الآخرون عن الكرد وليس الكرد أنفسهم. حتى في ابسط الامور، كانوا يعتمدون على ما يقوله الاخرون، وليس الكرد نفسهم. احدى هذه البرقيات تقتبس عن السفير التركي في بغداد، يتحدث عن النقاط الخلافية بين الكرد وبغداد: "الحدود والتعداد السكاني، وتحكم الحكومة المركزية بالمجلس التنفيذي لمنطقة الحكم الذاتي، وصلاحية تعيين المسؤوليين المحليين كالشرطة". الموقف لا يختلف كثيرا عن اليوم، والولايات المتحدة لا تزال تقف موقف المحايد، وفي الغالب يفضلون بغداد على الكرد. النقطة الصارخة الاخرى، في البرقيات، كانت مع الملا مصطفى البارزاني أثناء وبعد ثورة أيلول، البرقيات المتصلة بكلمة البارزاني لم تكن كلها متوفرة في نتائج البحث. الواضح كان ان الولايات المتحدة لم تكن مهتمة به كزعيم. كل الذي ارادته هو ان يتم احتواؤه قدر الإمكان بالتعاون مع طهران وبغداد في السنين الاخيرة من حياته في الولايات المتحدة الاميركية. في برقية أخرى عام 1974 وبعد انتقادات وجهتها جريدة الثورة لتغطية إذاعة صوت أمريكا للقضية الكردية. البرقية تخلص بالقول: "اذا تكررت الاتهامات الموجهة الى الولايات المتحدة، للظهور مرة أخرى في الاسبوع المقبل، فمن الافضل أن تقوم وزارة الخارجية ببيان موقف الولايات المتحدة في المؤتمر الصحفي اليومي. ونأمل ان يتضمن نفي التدخل في الشؤون الداخلية، وتثمين جهود الحكومة العراقية لحل هذه المشكلة التاريخية الصعبة". ينبغي لهذه البرقية ان يقرأها من له حوار أو نزاع مع بغداد. وعدم الاعتماد على الدعم الخارجي، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية. العراق الذي تشير اليه البرقية، كان عراقا بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة. عراق اليوم ايضا يتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة. البرقية أعلاه يمكن ان ترسل اليوم بحذافيرها لو اتهمت بغداد الولايات المتحدة بالانحياز الى الكرد.