العرّافون .. والتنبؤ بالمستقبل |
العراف والعرافة : هؤلاء يعتمد عملهم على وسائل وطرق بسيطة وتقليدية في قراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل منها ( فك السحر الأسود والأحمر والهندي والمطلسم والقرين والتابعة وجلب الحبيب ورجوع المطلقة والوفاق بين الزوجين وعلاج العقم وتأخر الإنجاب وحل المشاكل العائلية والمادية ) سابقاً كانوا يتجولون في الحارات والمناطق الريفية والحضرية , والإقبال عليهم ازداد بشكل كبير في الوقت الحاضر من قبل بعض السياسيين والحكام كذلك عامة الناس لمعرفة ما يخبئ لهم المستقبل وبالأخص ممن يريد أن يسلك طريق الهجرة المجهول المحفوف بالمخاطر بسبب زيادة البطالة وعدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي فأصبح هناك إقبال كبير على قراءة كتب السحر وقراءة الطالع وهذا ما ذكره أحد أصحاب المكتبات حين قال لي (( أن هذه الكتب أصبحت تنافس الكتب الدينية والاجتماعية والأدبية وأن كثير من الشباب يقف ويتصفح المجلة ليقرأ برجه ويذهب )) كما أن أحد الاختصاصيين النفسانيين يرى أن (( الإقبال على قراءة الطالع يزداد كلما أزداد انعدام الاستقرار في مجتمعاتنا و أصبح مرتبط بالحالة النفسية والوضع الاقتصادي والسياسي للبلد )) … كنت أعتقد أن من يقصد العرافين هم أصحاب العقول الضعيفة أو الأميين أو المحبطين أو غير المثقفين ألا إن اعتقادي هذا كان في غير محله حيث أن معظم الزبائن كانوا مـــــــــن أصــــــــــحاب الذوات والشـــــــــــــأن ومـــــــــــن مختلف شـــــــــرائح المجتمع مثل الطلاب والموظفــين والمهندسـين والمدرســين وربــات البيوت ومنهم من يحملون شهادات علمية عليا , ومهما كانت المصادفة أو الحوادث التي تخدم العرافين في قراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل فأنهم يبقون أرباب دجل وشعوذة يمزجون الدين بالسحر والأعشاب , كما إن الكثير منهم تسبًب بحدوث مشاكل اجتماعية عندما يحددون أسماء الفاعلين في أعمال سيئة كالسرقة والاحتيال … وواحدة من تلك الحوادث عندما أخبرت أحدى العرافات امرأة بأن من سرق مصوغاتها الذهبية هي ابنة عمها مما تسبب بخلق مشكلة بين الطرفين لم تكتشف حقيقتها إلا بعد اعتراف الفاعل الحقيقي , كما أن البعض منهم يستخدم أساليب غريبة في قراءة الطالع والمستقبل باستخدام آيات قرآنية ومسبحة وفنجان وريشة يبللها بالماء ويكتب بها على جسد المرأة , و بعض النسوة يقعن ضحية لهؤلاء المشعوذين والكثير منهن ندمن على فعلتهن تلك , والجدير بالذكر أن عمل العرافون ينتعش بازدياد أعداد اليائسين والمحبطين والعاجزين والنساء غير المتزوجات والمطلقات والأرامل للبحث عن أمل جديد بالحياة , وبعد التطور العلمي والتكنولوجي في الوقت الحاضر ومن خلال الاتصالات المرئية والشبكات العنكبوتية والهواتف الذكية وغيرها تطورت معها أساليب وطرق العرافون باستخدام الأجهزة والتقنيات في إيصال المعلومات الخاصة بالطالع وقراءة المستقبل من خلال الوسائل الحديثة لكسب الزبائن وتجاوز الطرق التقليدية , وهناك الكثير من المواقع والروابط الخاصة ببعض الشيوخ والشيخات الروحانيات والمنتديات الخاصة بهم ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر ومواقع الاتصالات مثل الواتس أب والفايبر لتقديم المشورة والحلول والتنبؤ بكل ما يتعلق بـ (زواج العوانس – جلب المحبة – فك وأبطال السحر والتابعة وغيرها ) كما أن هناك فضائيات عربية متخصصة هكذا مهنة تعرض يومياً ما يسمى عالم روحاني أو عالمة روحانية و فلكيين مشهورين لبنانيين وعراقيين ومغاربه ليقرؤك المستقبل اعتمادا على الأبراج أو آيات من القرآن الكريم وأحياناً استخدام الإعشاب لعلاج بعض الإمراض . ومهما كانت الوسائل والطرق فهناك حقيقة يعلمها الجميع أشار إليها القرآن الكريم ومعظم علماء الدين وهي أن (أمور الغيب لا يعلمها إلا الله سبحانه ) وأن مثل هذه المهن مرفوضة في الإسلام لان من يدعي الغيب هو كافر , فعليه لا يجوز الرجوع إليهم أو تصديقهم مهما تظاهروا بعمل الخير استنادا إلى قول النبي ( ص ) (( من أتي عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة )). ومن الطريف في الموضوع أن هناك فضائية عراقية كانت تبث من سوريا وحاليا تبث من لبنان يتنبأ صاحبها بمستقبل العالم بشكل عام والعراق وما يدور في الساحة العراقية من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية بشكل خاص , وهو يتكلم عن مستقبل العراق بصوت عال وبحرقة أكثر مما يتكلم به النائب في البرلمان أو المسؤول في الحكومة العراقية عندما تقاطعه المذيعة اللبنانية الممشوقة القوام… وأتمنى من العراقيين أن ينتخبوا هذا الشخصية الفرعونية ليكون رئيس وزراء العراق القادم حتى يعالج لنا الأزمة المالية التي نمر بها حاليا كما عالج النبي يوسف (ع ) قبل اكتشاف النفط في أرض العرب الأزمة الاقتصادية المصرية أيام حكم فرعون مصر أخناتون أو كما يسمى أمنحوتب الرابع عام 1350 ق.م , حينها كان الحكم وراثياً ولا وجود للديمقراطية والانتخابات ومجلس نواب ومحاصة طائفية وقومية ودينية , والحاكم أمتلك السلطة السياسية والدينية كما أمتلكها المتأسلمون الجدد في العراق يومنا هذا , و الفرعون آنـــــذاك تحيط به أدارة هائلة مع مكاتب ومحاسبين تشرف على النقل والزراعة والضرائب …. الخ , مع وجود أجهزة رقابية فعالة ونزيهة لا تعرف الفساد الإداري والمالي الذي تعيشه أجهزتنا الحالية بسبب قوة حكم الملك وسلطة القانون الوضعي . وكما قال المفكر الإيراني علي شريعتي 1933- 1977 عندما يشب حريق في بيتك ويدعوك أحدهم للصلاة والتضرع إلى الله , فأعلم أنها دعوة خائن )) |