ان الخلط بين النظرية الدينية ،ونظرية الألحاد ،اضاع علينا معالجة مشكلات العالم العربي والاسلامي، حتى بقينا وبقيت اجيالنا حائرة لا تدري اين هو الصحيح؟ مشكلة استطاعت أوربا والعالم المتحضر حلها فأراحت شعوبها من هذا التيهان الكبير حين قررت المؤسسات السياسية فصل الدين عن السياسة واشاعت حرية التعبير، وبعد ان ثبتت في دساتيرها شعار ( الدين لله والوطن للجميع) .
شعوبنا العربية والاسلامية ليست هي أقل قدرة من معرفة الحقيقة حتى تبقي الحرية الفكرية في مأمن من أعدائها اصحاب نظريات التزمت في الدين . هؤلاء الذين لو قرأت لهم ألاف الصفحات والمقالات المختلفة لن تخرج منهم بنتيجة علمية واضحة المعالم وماذا يريدون ابدا ،لا بل لن تخرج من افكارهم الا الى هز الرؤوس او علامات التعجب في احداث الدين .
ان ما تقرأه لاصحاب نظريات التحديث تشعر انهم يتطلعون لعلاج مشكلات العصرفي التطبيق،همهم التحديث في كل جديد لاختصار الطرق الوعرة على المواطنين وابعادهم عن كل ما يجعلهم به حائرون..ومخترعات الحديثة في الطب والتعليم والاتصالات خير برهان ودليل . اما نحن حين نقرأ لمئات المفسرين والفقهاء ورجال الدين لا تخرج الا بسفسطائيات لا تتفق والعلم الحديث،لتخرج بسؤال طالما سأله السائلون ..ماذ يريد اصحاب نظرية الدين ؟ ولا شيء.
بينما ترى ان كتاب نظريات الفلسفة المادية يتطلعون لرسم سياسات العصر الحديث وعلاج مشكلات التطبيق وعلى كل المستويات لخلق دولة الحضارة والتحديث.دول انشأت حضارات في بضع سنين كما في اليابان والصين ، ونحن لحد اليوم لم نصنع الا اباريق الوضوء وحرق البخور والحجاب والنقاب والتخريف.
هنا الفرق بين المسلم ونظريات التزمت ، والمادي الذي يفلسف الحياة وفق منطق نظريات التحديث،لابد من النظر اليه بعين البحث والتحقيق لنخرج من اشباكهم التي نشروها علينا واصبحنا اسراء التخريف. وتلك محنة الوجدان ، وعقل المسلم الذي حشوه بالتخريف ليتمكنوا من اخضاع الشعوب لهم دون مسائلة من نصيب ،كما في بلداننا العربية والاسلامية ومجابهة الواقع الصارخ الملح علينا بالتغيير بوعي الجماهير.
ان اصحاب نظريات الدين ماهم الا وارث لسلف لم يفهم من الحياة الا السيطرة على فكر الجماهير وتطبيق فكر( قدس الله سره في العالمين)..نظريات بالية وخاملة لا يقبلها العقل والمنطق والفكر السليم،ومع هذا فهم يبتكرون للباطل الف تخريج.اما اصحاب نظريات التحديث يعملون كخلايا النحل ليأتوا كل يوم بجديد ،وليجعلوا اصحاب نظريات التخلف مبهورين بهم يلاحقون كل جديد دون ان يساهموا في كل فكر جديد..هنا تتحق المعادلة فكر منتج متطور حديث،وفكر يلاحقه ولكن لا ينتج اي جديد. وبمرور الزمن اتسعت الهوة حتى اصبح اصحاب فكر التحديث يسيطرون على فكر التخلف تلقائيا دون جهد او مواجهة الأخرين.وهذا ما يمكن حكومات التخلف من ابقاء القديم على قدمه دون تحديث. ونتيجة للذي يحدث وتحكم الحاكم والمسئول والاهتمام بمصالحه دون الوطن والجماهير ،تظهر الروح المنهزمة المتخلفة التي قيدت جماهيرها في الالسجن البعيد ،واصبحت مهزومة امام انتصارات العلم الحديث في اوربا والعالم الجديد.الاكثر خسارة لنا ان كتابنا وشبابنا اصبحوا يرون في قيام هذه الحالات شيئأ مألوفا لا 2 حاجة لمناقشة اوزارها في الدنيا ، او يأساً في الاصلاح ،وبمرور الزمن يصبح تعودا على المشاهدة اليومية كما يتعود السكير والمدمن على شرب الكحول والمخدرات دون وعي من فكرٍ رصين.
لكن هذه التوجهات قد تحدتها بعض اقلام المتحدين والواعين ،كما في فكر الدكتور علي الوردي وغيره من النابهين،املاً في توعية الجماهير وامكانية نزع سلطة الدولة من اصحاب نظريات الدين ومن يساندهم من المنتفعين ايمانا منهم بوحدة المقاتلين امام الخطر الزاحف الكبير كما في عراق العراقيين اليوم وامة العرب الاخرين . هذا الخطر يداهمنا حين تصبح نظرية الحرية الفكرية في فلسفة التربية والتعليم نموذجا للتبعية والتقليد بعيدا عن كل فكر مبتكر جديد...لكن بعض علماء المسلمين من امثال المودودي وابن رشد اصبحوا عمالقة في وجه التيار المتخلف،حين أنغمسوا في مشكلات الجماهير من اجل تحريك الثورة الفكرية في كيان الانسان العربي والمسلم،حتى اصبحو هم والوعي والأصالة قرين ولكن من يسمعهم وسط بحور قوة سيوف المتخلفين ؟.
الناس ملت سماع اقوال مرجعيات الدين لكثرة ما يرددون من اقوال متقادمة قال بها الأولون، دون ان يحاولوا مزج المعرفة التقليدية بالجديد،حتى الجهاد زوروه الى كفائي وفرض عين، العالم اليوم يفتش عن كل جديد ، ونحن لا زلناحائرون في الخلافات بين السُنة والمعتزلة ، والخوارج والشيعة ، وبين العقل والنقل حتى اصبحت مناهج مدرستنا تخريف ،فمن اين يأتينا التحديث.والا لو كنا اصحاب فكر ومعتقد حديث ما حل بنا هذا الذي نراه اليوم في امة العرب من خلاف وضعف وتفتيت ؟ وبعد ان انتقل العالم الى مرحلة التفتيش عن سماوات اخرى يدركها العلم الحديث ، نحن لا زلنا ندور في خلافات عمر وعلي، وكسر ضلع الزهرة ،وعائشة والأفك ،ونعطل دوائرنا من العمل بحكايات الماضين ؟. حتى اصبح الخطر يتفاقم علينا بالخراب واستفحال الجريمة وقتل الضحية بلا قانون يحميها من القاتلين .. .
فهل نحن مطالبون اليوم بالايمان بالله وكفى،ولا داعي لمطالبتنا بأكثر من هذا ؟..اذن لا داعي للتحديث والثقافة والحقوق والعيش الرغيد ..دعه لهم وليس لنا لأن دمائنا ليست من الدم الازرق الذي يحملون..؟ بهذه العقليات المتخلفة سوف يحكمون : لنقضي على حضارة الانسان ... ونحول النظام الى فوضى ... وينعدم عندنا التوازن في الحقوق،لكي ننشر الشر والباطل في كل مكان وننسى الله والعلم الحديث. نعم نحن في الطريق اليه قادمون ...؟
|