الإعلاميون الجدد في القنوات الفضائية

 

اولاً: تردي واقع الخطاب الاعلامي اليوم .

 تبين ان المصطلح الشعبي الدارج يستخدم لدى العراقيون والأتراك وجزء من بلاد الشام اذ هم أكثر استخدام لمصطلح (سزز) المقولة من التركية، وتعني (عديم). وحيثما تضاف لها (أدب) تعني بلا أدب، و(حيا سزز) تعني بلا خجل، وجرت العادة على أن يطلق على كل شيء المراد تقليل اهميته واحترامه على انه (سزز).حتى اصبح يتعاطى الاعلام اليوم مع مفردات جاءت من الشارع لا تنتمي الى اللغة والخطاب السامي للأعلام الجديد بسبب الانفتاح اللا فكري والحرية المفرطة لوسائل الاعلام العراقية التي جاءت هي الاخرى بعبارات تخدش الذوق العام حتى راحت كلها تسمى بالمعنى الدارج (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) حتى تمدد واصبح خطابا ينتهك الاعراض والعادات والتقاليد من سب وقذف بأشكل عديدة.

فاليوم يشهد الاعلام الجديد في العراق سلوكيات ومعتقدات خاطئة تكاثرت في الآونة الاخيرة حتى اصبحت تهدد المنظومة المجتمعية اليوم بفعل تراكمات لمصطلحات تخدش الذوق والمحيط ولعل الاسباب كثيرة هناك قنوات مرئية عملت على مفهوم اسقاط الذوق فضلا عن كون ملاك الوسائل هم من الطبقة السياسية التي جاءت بعد عام 2003 ومن المتعارف ان البعض منهم اتى بيئة الشارع بلا هوية ولا معنى بفضل امريكيا والمحاصصة السياسية ورجال الاعمال حتى اصبح الاعلام حكراً بيد هؤلاء فلهم الحق بتقديم كل شيء بذريعة (حرية الراي والتعبير) وهذه شماعة لتقديم المسيء للجمهور. فالإطاحة بالذوق العام وبالأبعاد القيمية الرصينة للمجتمع هو الهدف المشترك بينهم حتى يتسنى  له ان بتصدر المشهد كونه يطلق العبارات بجراة وصلافة وتبجح, فقد يتعاطى اليوم حوارات وافعال وخطابات ذات بعد لا اخلاقي, وبالنظر لأهمية الموضوع كونه يشكل تهدد حقيقي للذائقة الجمالية للمجتمع قد اجد جملة من الاسباب التي دفعت بالانتشار الواسع ومنها على الشكل الاتي:

1- قلة الوعي والمعرفة والاطلاع على مفهوم مهنية الاعلام الرصين.

2- اخذ هؤلاء  صفة الشكل والالفاظ المسيئة بدل الجوهر من ايصال معنى الرسالة الاعلامية.

3- انتخاب مهرجين بطابع هزلي تحريضي لضرب المجتمع بأفكار تخل بالشخصية والعقل.تراجع الدور الرقابي للمرصد الصحفي للحريات وفي ظل نوم نقابة الصحفيين العراقيين.

4- يسعى هؤلاء لهدم القيم النبيلة والاخلاقية لتاريخ الصحافة العراقية واستبدلها بقيم مسيئة ومخله بشرف المهنة الصحفية.

5- ان بعض العاملون في المجال الاعلامي لا يمتلكون شهادة او تخصص ما للعمل بالصحافة.

6- يعمل هذا الاعلام على تهميش الفكر المجتمعي وجعله بلا هدف ومعنى باستخدام مفردات ذات طابع (سب وقذف وشتم وانتهاك الاعراض).

7- حرية الراي والتعبير راحت اليوم بلا اخلاق ولا حضارة مما فتح المجال لحياسزز تقديم اطروحاته اللاأخلاقية عبر وسائل الاعلام.

8- غياب الرقابة من قبل المختصين والمهتمين والنقاد بالشأن الاعلامي بمحاسبة كل من يخرج عن شرف المهنة الصحفية.

ثانياً: المصادفة والاعلام

لعل ما نشهده اليوم من اشكال غريبة عبر الشاشات جاء بوسط اعلامي غريب يتعامل بمنطلق المصادفة والسذاجة لطرح الآراء والافكار كون هناك مجموعة من القنوات العراقية تمولها اطراف مجهولة للراي العام حتى اصبحنا اليوم لا نعرف من وراءها ولماذا ساد الخطاب اللاعقلاني في الاعلام.

فقد قُدم عدم الخجل والاحترام بطبق جديد غلافه اللامعنى فراح امثالهم  هو الاول بين صفوف الاخرين فنتشار رجال المصادفة الدخلاء على العمل الرصين هو سبب انتشار الفوضى والعبارات التي تأثر بها المجتمع تأثرا مشابها لما نشهد اليوم من صراعات سياسية فالألفاظ لم تنتخب من قبل لا بل فتح المجال لاستخدام اي ملفوظ المهم يثير اللغط والجدل بينهم فالإساءة لم تتوقف عند حد بل شكلت تهدد حقيقي للذوق الذي راح بسبب دجل وخرافات واكاذيب هؤلاء, ولان المجتمع العراقي تأسس على الاحترام والتقبل وتربى على منظومة قيمية تعود الى مبادئ الاسلام والديانات الاخرى فكنا دائما نسمع العبارة الشهيرة (عيب او حرام) او ( كن مؤدباً) اذ لم يتقبل العيب رفضه في بداية الامر لكن سرعان ما انتشرت هذه الوسائل والوجوه ذات  الخف في الاوساط وانتشار الشبكة المعلوماتية وكثرة المصطلحات والمدخلات الخارجية تهمش الصف قليل ففتحت الفرصة لمثل هؤلاء ان يقدموا الخراب الفكري واللفظي للمجتمع العراقي حتى اصبح اليوم العيب هو الصواب والادب هو الغلط بتعبيرهم الساذج للقيم وتغييرها. عبر شاشات ملئت بإرهاصات غريبة.

ثالثا: مصادر هؤلاء.

من المؤكد ان مصادر الاعلام الحديث تنوعت وتعدد حسب الاشتغال والتقديم وبحسب كل قالب مرئي فقد تعمل الصحفي الجيد بخبرته من مصادر عددية ومنها ( الكتب, الوثائق, المصادر الحية, الرسائل والاطاريح الجامعية, المؤسسات الرسمية. الافلام, الارشيف, وكالات الاباء, انترنيت…الخ) كل هذه المصادر فتحت المجال للأبداع المهني الناجح بالصدق والثبات بتقديم الاخبار والموضوعات فالصورة تحتاج الى معادل موضوعي فالنجاح يقدم الصحفي للمجتمع باطار مميز كونه المحامي والناقل لما يحدث في المجتمع فيعالج ويشخص ويحلل. اذ يمتلك القدرة على التغبير والاحترام وحسن الادب ليحقق العدالة والتنشئة الاجتماعية والتثقيف والتعليم عبر ادواته.

لذلك لو وضعنا جدلاً ما يقوم به (الاعلاميوسزز) اليوم مقارنةً بما ذكر للصحفي الجيد لوجدنا ليس هناك مقارنة بينهم اطلاقاً باشتغال المهنة والحفاظ على سلامتها. ولان الاعلام هو العين الجميلة للمشاهد الذي يسعى ان يرى كل ما هو جديد وممتع ومقنع واكتشافه افاق جديدة فبتأكيد تكون فاعلية الاعلام حققت الاتصال والمسافة الجمالية بين المرسل والمستقبل. لذا قد اصبح الاعلام اليوم يشكل تهديد حقيقي لممارسات لفظية تستخدم لهدم البيئة المجتمعية اليوم فمصادر هؤلاء لا تستند الا على الباطل والشارع والتاريخ الاسود والملفوظات التي تهمش الانسان وتخدش الحياة فمصادرهم جاءت من بيئتهم ومن سلوكياتهم اللاأخلاقية روجوها عبر برامجهم.

فهي اساءة لتاريخ العمل الصحفي في العراق واساءة للصحفيين الناشطين اليوم في المشهد العراقي, للتأكيد ما قيل علينا دائما نطرح التساؤلات الاتية:

من وراء هؤلاء ولماذا التعامل بلا اخلاق؟ من وراء استخدام المجتمع مصطلحات غريبة ودخيـــــلـة؟ ما فائدة تقديم الملفوظ السيء والتأكيد على انتشاره؟ كيف نحافظ على المجتمع من امثالهم ؟ لرفض المجتمع شخوص غرضهم تقديم (سزز).