الملائكة والشياطين

في عُرف المصالح الوطنية والوعي المصيري للأمم والمجتمعات , يمكن أن تتحول الشياطين إلى ملائكة , والملائكة إلى شياطين , ويتحقق تبادل الأدوار وفقا لمقاييس الربح والخسارة.والمجتمعات التي تهتم بحاضرها ومستقبلها , تكون مصالحها الوطنية فوق كل شيئ فيها وعندها , فلا يمكن لأية حالة أن تتقدم على المصلحة الوطنية مهما كانت مواصفاتها ومفرداتها وقيمتها , ذلك أن كل شيئ يفقد قيمته ومعناه إذا تخرّب الوطن وتحطم الوعاء الوطني.
فلا قيمة لحزب ومعتقد ونشاط ومشروع وبناء , أو أي شيئ مهما صغر أو كبر , إذا تهدم الوجود الوطني وتلاشت المعايير الوطنية وانتفت.
ولهذا فأن المجتمعات الحكيمة الواعية الحريصة على أوطانها تتفاعل وفقا لبوصلة مصالحها ولا تفرط بها أبدا , وعليه فأن قيمة الآخر وتوصيفاته تتناسب ومقدار ما يساهم بتحقيق المصالح الوطنية , فإن كان ضدها وعدوها , تحوّل إلى شيطان , وإن تغيّر وأبدى تجاوبا وتفاعلا إيجابيا يكون مَلاكا , والعكس صحيح , فلا يوجد ثابت في أطراف التفاعل ما بين الدول والأوطان إلا المصالح.
وعليه فلا نستغرب أن تتحول الشياطين إلى ملائكة , ما دامت المصالح ذات فعالية وقدرة على التحقق والتنامي والإزدهار , وكما هو معلوم فلكل مصلحة مدى تصل إليه وأوج تبلغه فتنحدر إلى غير ما عهدته , مما يعني أن المصالح تتبدل وآليات إنجازها تتغير أيضا , وأنها تتعدد وتتطور وتمضي في سبيل صناعة مشاريع متجددة , والدخول في تفاعلات إستثمارية مع بعضها , فتلقي على الآخر مسؤولية التفاعل المتجدد معها.
وقد تحققت الكثير من المصالح الدولية وتبدلت الموازين مع توالي دورات الحياة وتداخلات مسيراتها ومعطياتها , ذات المفردات المتغيرة دوما والساعية نحو إنطلاقات ذات قيمة بقائية ومناهج صيرورات نوعية عالية.فهل سندرك مصالحنا ونؤمن بها ونضعها فوق كل ما فينا وعندنا وحولنا , لكي نعيش مثل غيرنا المؤمن بمصالحه الوطنية؟!