إتفاقية سايكس بيكو وإنتهاء الصلاحية

 

تعد اتفاقية سايكس بيكو من ابشع الصفقات الاستعمارية التي شهدها العصر الحديث؛ إذ قسمت بموجبها البلاد العربية بين الدول الاستعمارية التي عقدت هذه الاتفاقية بصورة سرية عام 1916م في الوقت الذي اتفقت فيه بريطانيا بموجب مراسلات حسين ــــ مكماهون  على اعلان الثورة من قبل العرب ضد الحكم العثماني مقابل قيام دولة عربية مستقلة تحت حكم الشريف حسين شريف مكة المكرمة واعتراف بريطانيا بهذه الدولة حال قيامها .

وبقيت هذه الاتفاقية سرية الى ان كشفها السوفييت بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا في اواخر عام 1917م اي بعد اكثر من سنة على اعلان الثورة العربية  في الحجاز عام 1916م وخوض العرب معارك طاحنة مع العثمانيين، ثم وضعت الدول العربية تحت انتداب الدول الاستعمارية فانتدبت كل دولة استعمارية على الدول التي كانت تحتلها واتفق على وضع فلسطين تحت ادارة دولياً وهو ما مهد لقيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين.

وبعد اعلان الانتداب شهدت المنطقة العربية قيام ثورات وحركات تحررية للتخلص من الاستعمار توجت بنيل الدول العربية لاستقلالها من المستعمر لكنها بقية دول مقسمة وفق حدود اصطناعية وضعتها اتفاقية سايك بيكو ليقسم الوطن العربي إلى دوله واقطاره الحالية بدلاً من اعلان دولة عربية واحدة كما وعدوهم بموجب مراسلات حسن مكماهون؛ وذلك بهدف اضعاف الموقف العربي وضمان امن اسرائيل وسيادتها في فلسطين وحماية المصالح والنفوذ الغربي في المنطقة.

اوضاع الوطن العربي عام 2016

منذ اندلاع ما يسمى ثورات الربيع العربي او الخريف العربي  جرت اقطار الوطن العربي الى مشاكل وحروب داخلية خلفت مئات الالاف من القتلى والجرحى والملايين من النازحين والمهاجرين فضلاً عن تدمير الكثير من المدن والبنى التحتية الرئيسة , والعالم بأسره وخاصة الدول الكبرى تقف موقف المتفرج من دون وضع حلول لهذه الازمات, وقد تحولت هذه الحروب الاهلية الى حروب بالنيابة وصراع على النفوذ بين كبريات الدول وخاصة امريكا وروسيا لإعادة رسم خارطة المنطقة من جديد خلافاً لتقسيم سايكس بيكو !

فالثورة السورية او الازمة كما يحلو للبعض ان يسميها دخلت في عامها الخامس ولاوجود لبصيص امل لحلها خاصة مع ازدياد الدعم الروسي والايراني لنظام بشار الاسد يقابله تعدد القوى والفصائل المعارضة من ناحية والدعم الامريكي الخجول لهذه المعارضة من ناحية اخرى فضلاً عن وجود بعض التنظيمات الارهابية كداعش والنصرة على خط المواجهة مما يعقد الحل السياسي فيها , وتظهر بين الفينة والاخرى مشاريع او سيناريوهات للحل تشير  إلى ان التقسيم هو الحل الناجع للازمة في سوريا .

اما العراق فيسير نحو التقسيم بخطى ثابتة ومشروع تقسيمه طرح من قبل جو بايدن النائب الحالي للرئيس الامريكي، وبعد تحرير المدن المغتصبة من داعش سيتحول العراق إلى ثلاثة دول او كإجراء اولي الى ثلاثة اقاليم فيدرالية (شيعي وسني وكردي) .

اما اليمن وليبيا فهل ستحل المشاكل والازمات و الحروب الداخلية  فيهما دون تقسيم ؟! في حين تعاني مصر من ازمات داخلية منها ما يتعلق بالتطرف والارهاب ومنها ما يتعلق بالمشاكل التي يثيرها الاخوان المسلمين بعد حضر نشاطهم السياسي , وتونس عانت وتعاني من تنامي خطر الارهاب, والسعودية تنامى فيها التطرف بشكل مضطرد فضلاً عن اقحام نفسها في حروب خارجية , ولبنان ومشاكله السياسية والمالية التي لا تنتهي يضاف اليها حزب الله المتهم  بتدخله السافر في الحرب الى جانب النظام السوري وتقديمه الدعم للحوثيين في اليمن واعتباره منظمة ارهابية من قبل الدول العربية .

مما تقدم نجد ان البلاد العربية في الوقت لحالي قد غرقت في اتون حروب داخلية واهلية يبدو انها مدبرة بإحكام من قبل قوى وارادات خارجية لغرض اشغال العرب عن قضاياهم المصيرية ومنها قضية فلسطين , كما ان التقسيم سيزيد من هيمنة الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية على المنطقة العربية .

ولكن لماذا تطرح مشاريع التقسيم في هذا الوقت اي بعد قرن من الزمن على عقد اتفاقية سايكس بيكو ؟ وهل فقدت هذه الاتفاقية صلاحيتها ؟

يبدو ان اتفاقية سايكس بيكو قد انتهى دورها بعد ان حقق الحلفاء ما يصبون اليه من عقدها وتمكنوا من تفكيك الوطن العربي خاصة اذا علمنا انها وقعت في وقت كانت فيه فكرة القومية والوحدة العربية رائجة بشكل كبير بين الاوساط السياسية والنخب المثقفة في الوطن العربي .

والان وبعد مرور مئة عام على عقد هذه الاتفاقية ظهرت حاجة ملحة لتقسيم المنطقة العربية من جديد عن طريق تجزيئ المجزئ اي تقسيم الدول الى دويلات تضمن للعالم الغربي عدم توحد المنطقة العربية , واستمرار الهيمنة الغربية عليها , والاستفادة من مواردها الاقتصادية والتجارية والستراتيجية كونها حلقة وصل بين الشرق والغرب , وحفظ امن اسرائيل , فالتقسيم قادم لا محالة وسايكس بيكو جديدة على الابواب فارتقبوا يا اولي الالباب ..