معتقل السيدية

 

الأمن الذاتي الى جانب أمن المجتمع والدولة يرتبط بالأمن الفكري الذي تتحكم فيه عدة عوامل منها التعليم والتدريب والرغبة الذاتية في تنمية ذلك الحس وحب الوطن وأن الحس الامني يزيد من قدرة رجل الأمن على الابداع والابتكار في مجال عمله كما يساعد في التوصل الى نتائج ايجابية والسيطرة على المواقف الامنية . إن تطوير المهارات الجسدية والقتالية لرجال الأمن لايمكن أن يحقق النتائج المرجوة بدون أقترانه بتطوير المهارات الفكرية والحس الأمني، واذا أردنا الوصول الى نتائج أفضل ينبغي تطوير الحس الأمني لدى المواطن أيضاً وأحكام السيطرة الأمنية على المناطق من خلال مايسمى بالأمن الذاتي الذي تتفاعل فيه عزيمة المواطن مع رجل الامن ليشكلان وحدة أمنية متراصة تجتمع تحت مظلة العلم العراقي وحب الوطن. مايجري حالياً في أحياء بغداد على سبيل المثال لا الحصر لا يدلل مطلقاً على وجود مفهوم أمني ستراتيجي وخطط بديلة فعندما تعجز الخطة الاولى عن تحقيق أهدافها نأتي بالخطة البديلة المهيأة مسبقاً لنفس الغرض وهكذا، الخطة (المثالية) المعتمدة في الوقت الحاضر هي غلق الشوارع من جميع الأتجاهات وفتح ممرات خاصة تنصب فيها السيطرات مما يسبب أزدحاماً مرورياً وفوضى في السيروتأخير في وصول الموظفين الى مقار عملهم والطلبة الى مدارسهم وجامعاتهم وأصحاب الأعمال الخاصة، الأرتباك والتأخير يشمل الجميع دون أستثناء. في السيدية حصلت قبل أسابيع خروقات أمنية، وبدلا من التعاون مع سكنة أحياء السيدية لمعرفة الجناة عوقبت السيدية كلها بغلق جميع شوارعها الفرعية وفتح ممرات معينة تقف فيها سيطرات الشرطة، وكأن الأمن يتحقق بهذه الخطة الساذجة التي لا تدلل على قدرات أمنية وتقنية وحس أمني قادر على جمع المعلومات وتحليلها وصولا الى الجناة، في الوقت الذي تحكم فيه مداخل السيدية بسيطرات رجال الشرطة الذين يقضون أغلب أوقاتهم بأستخدام هوتفهم الذكية والتفرج على الجالسين في العجلات القادمة والمغادرة. المواطن يقدر جهود وزارة الداخلية  ممثلة بشخص وزيرها في فرض الأمن في جميع مناطق العاصمة، لكنه لا يتحمل أن يعيش في معتقل مقطعة أوصاله يصعب عليه التنقل داخل أحياء مدينته لشراء حاجاته المهمة وغير المهمة أو مراجعة الطبيب، وأصبح قدوم ضيف لزيارة أحد سكان الحي مثار أستغراب وتعجب لأنه إن فلت من السيطرة الاولى ربما يقع في مصيدة الثانية، حتى إنه صار يتعب في الطريق الى بيته أو عمله أكثر من تعبه أثناء ممارسة عمله اليومي، ولا أحد يدلنا على تأريخ نهاية هذا المسلسل المملل. لقد وعد رئيس الوزراء بفتح جميع الطرق المغلقة بما فيها الجسر المعلق لكن في النهاية لم ينفذ التوجيه، فظلت العديد من الطرق مغلقة وبقى الجسر المعلق عصيا على المارة، فإن أضطرأحدهم  للعبور فذلك يحتم عليه الخضوع الى تفتيش بواسطة الكلاب الذكية وأن يكون حاملا لباج نافذ المفعول وقد يشتبه بأسمه ويحجز. مرة أخرى نقول إن إستشعار مظاهرالاخلال بالأمن بمفهومه الشامل هو بداية الطريق لكشف الجريمة والسيطرة على موقع تنفيذها وفك رموزها، وليس مضـــايقة الناس وقطع الطرق.