المرشد يريد حرساً ثورياً عراقيّاً |
بكل المقاييس، تاريخياً وجغرافياً ودينياً وسياسياً، وبأي بُعدٍ آخر صالحٍ للقياس والتقدير: إيران أقرب الى العراق من كل الدول الداعمة له في الحرب على الإرهاب، وأكثرها إطِّلاعاً على ما يجري فيه، وأقواها حضوراً وتأثيراً ولا يحتاج الأمر الى أدنى بيان وتفصيل أو دليل وبرهان.الكل يعلم ذلك ويراه ويقرأه ويسمعه ويتلمسه لمس اليد، الى درجة ان إيران تدعي ليل نهار، بمناسبة وبدون مناسبة، أنها هي التي أنقذت بغداد وأربيل من السقوط بأيدي "وأرجل" داعش، وهو بالمناسبة إدعاء يفتقر الى المصداقية تماماً، واهمٌ من يعتقد أن الوضع في أربيل، ناهيك عن بغداد ، وما أدراك ما بغداد؟، كان يشبه الوضع في الموصل وصلاح الدين، وأنه كان بإمكان ثلّة من المسلحين أن يدخلوهما بنفس السهولة التي دخلوا بها الى الموصل وصلاح الدين، وأن الجيش كان سيولّي هارباً وأن جمعاً من أهالي العاصمتين ، كما المدينتين، كانوا سيكونون لسبب أو آخر، أفرزته سياسات المالكي، زخماً وإمدادا للمهاجمين ، بحيث يتمكن ألف مسلح إرهابي من السيطرة على مدينتين مركزيتين يحرسهما أكثر من 30 ألف من الجنود والشرطة المدربين تحت إشراف الجيش الأمريكي، والمجهزين بعربات الهمفي ودبابات أبراهام ومختلف الأسلحة القتالية الخفيفة والمتوسطة والثقيلة التي أنتجتها أرقى تقنيات الصناعة العسكرية في العالم، تقدّر أثمانها بالمليارت.المهم، لإيران، من خلال عديد مستشاريها العسكريين الذي يعملون في الميدان، على رأسهم قائد فيلق القدس المرتبط مباشرة بالمرشد الأعلى والذي يواضب على لقاء زعماء التحالف الوطني بين فينة وأخرى كلما استجد شيء، وكذلك من خلال جمع المتعاونين معها في كل مفاصل الدولة والمجتمع المدنية والعسكرية، وثمّ من خلال مركز المعلومات والتنسيق الرباعي، ما يغنيها عن إرسال رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في مكتب المرشد الاعلى، كمال خرازي، لبحث اهمية توحيد جهود المنطقة لدعم العراق في حربه ضد الارهاب، وبحث الاوضاع التي تشهدها المنطقة، والعلاقات الثنائية بين البلدين والسبل الكفيلة بالارتقاء بها في مختلف المجالات". كما أفاد بيان مكتب العبادي.من الواضح أن المرشد بعث خرازي بمهمة أخرى بعيدة كل البعد عما ادّعاه مكتب العبادي، وهي مهمة لا يمكن بحال أن تتخطى الحراك الصاخب الذي وصل الى عتبات ، وليس بوابات المنطقة الخضراء.المرشد بالطبع، ليس قلقاً من التغيير الحكومي حتى وإن شمل رئيس الوزراء نفسه، ما دام الأمر لن يخرج في النهاية من دائرة التحالف الوطني، وهو كذلك ليس بحاجة الى تأكيد رفضه لتقديم المالكي بتهم الفساد كما تشيع بعض صحف الخليج وآخرها ما ذكرته اليوم الثلاثاء (أمس) صحيفة الوطن السعودية. المالكي مُنح الحصانة عندما تخلى عن جهوده في الحصول على ولاية ثالثة لصالح العبادي،وبضمانة خامنئي نفسه، ثمّ إذا كان المالكي يستحق المحاكمة على سقوط الموصل، فلماذا لا يستحق العبادي المحاكمة على سقوط الرمادي؟قلق إيران الحقيقي يتمحور حول أداء الجيش العراقي في نكستي الموصل والأنبار أولا، ومن ثم أداؤه الأخير عندما فشل في منع المتظاهرين من الوصول الى بوابات المنطقة الخضراء، وسعي العبادي مع كل ذلك ، مكرها أو خِيَرةً، الى تهميش دور الحشد الشعبي الذي ترى إيران أنه الضمانة الحقيقية، في الوقت الحاضر، وكذلك في المستقبل القريب لحماية الجمهورية العراقية الثانية، وتريده حرساً ثورياً عراقياً، وهي رغبة زعمائه كذلك. |