هكذا تستخدم الحيوانات والطيور المجال المغناطيسي كـ "GPS"

 

تشهد الطبيعة سنوياً هجرة ملايين الحيوانات وفق دروب لا تحيد ولا تتغير، وكأنها تعتمد في أدمغتها الصغيرة على نظام تحديد مواقع GPS حير العلماء لعقود من الزمن فعكفوا على فك طلاسمه.

وحالياً توجد نظريات عديدة تفسر الطبيعة المغناطيسية لكوكب الأرض، ولعلّ أشهر نظرية تلك التي تقول بأن المغناطيسية الأرضية ناجمة عن وجود تيارات كهربائية، يتولد عنها مجالٌ مغناطيسي في القشرة الخارجية للأرض، التي تحتوي على حديد منصهر.

ومع الزمن تمغنطت جميع الرواسب الحديدية في باطن الأرض تدريجياً في اتجاه واحد، فكونت مغناطيساً دائماً كبيراً جداً.

تحديد الاتجاه

وإذا ما تأملنا في الكائنات من حولنا، نجد أنها تعرف الجهة التي تقصدها بالضبط، خصوصاً الطيور في السماء. والسؤال: كيف يمكن لهذه الكائنات تحديد وجهتها؟

فبعد أن استخدم الإنسان البوصلة وغيرها من وسائل تحديد الاتجاه ببراعة فائقة، فكر العلماء في إمكانية أن يكون المجال المغناطيسي للأرض دليلاً ومرشداً للكائنات.

مثال على ذلك: الحمام يستطيع سماع ترددات أقل وأعلى مما يقدر عليه الإنسان، مثل اهتزازات الجسور، كما أن لديها بوصلة شمسية. لكن الحمام يستطيع أن يعود لموطنه دون أدنى حاجة لضوء الشمس أو سماع اهتزازات الجسور.

حاول باحثون من جامعة "كوريل" الإجابة عن هذا السؤال من خلال تجربة قاموا فيها بتثبيت مجموعة من المغناطيسيات إلى رؤوس الحمام، فنجم عن ذلك أن الطيور التي كانت تعرف اتجاهها بدقة بالغة أصبحت حائرة مترددة! هذا يعني أنها كانت تتبع طريقاً معيناً تسلكه يتوافق مع المجال المغناطيسي للأرض.

في البحر أيضاً

السرطانات البحرية هي مثال آخر يستحق التأمل؛ ففي الشتاء، تحتاج هذه الكائنات إلى الهجرة لأماكن أكثر عمقاً، لأنها تكون أكثر أمناً ودفئاً بالنسبة إليها.

الغريب أن هذه الكائنات المهاجرة ليلاً تواجه الكثير من العوائق والأمواج الشديدة، إلا أنها لا تضل طريقها أبداً، ما دفع العالم كين لومان إلى تركيب خزان يستطيع التحكم في فيضه المغناطيسي ووضع أحد السرطانات فيه.

عندها وجه السرطان في الخزان نفسه على المجال الجديد ولم يغير اتجاهه مرة ثانية إلا بعد تغير اتجاه المجال.

البكتيريا

وبالانتقال إلى عالم البكتيريا الموجودة في مستنقعات المياه المالحة في ساحل كاليفورنيا، نجد أنها عبارة عن مغناطيس حي.

فداخل جسدها يوجد جزيئات صغيرة ذات قطب واحد تصطف سوياً كسلسلة تكون ما يشبه إبرة البوصلة، التي توجه البكتيريا في مجال الأرض المغناطيسي أثناء السباحة.

يتضح هذا أكثر حين نعلم بأن هذه النوعيات من البكتيريا لا تسبح للشمال ولكن إلى الأسفل تبعاً للمجال المغناطيسي للأرض، الذي يوجهها إلى اتجاه معين حتى تتمكن من الحصول على طعامها في أعماق المياه.

وتشبه هذه السلسة من الجزيئات إلى حد كبير العمود الفقري الموجود في جسم الإنسان.

وعادة يستخدم البط والإوز الشمس والرياح لتحديد اتجاهها عندما تهبط على بحيرة، لكن مع غياب الرياح والشمس، لاحظ العلماء أن سرباً من الطيور لم ينحرف عن مساره ولم يتصادم مع بعضه البعض، ناهيك عن سرعة الطيور الفائقة رغم ثقل وزنها نسبياً.

وما زال العلماء يبحثون عن النظام الذي تعتمد عليه الطيور، مرجحين أنها تستخدم المجال المغناطيسي عن طريق شبكة العين.