عادة ما تنطلق الاحزاب الوطنية من رحم الام الاصل وهي الوطن لكي تولد ممزوجة بترابه حاملة همومه متبنية آماله ساعية الى اسعاده. بهذه الطموحات والامآل يتاح لها فرصة ان تنجح وتستقطب قلوب الناس عندما يتحقق على يديها البناء والاعمار والتنمية في مختلف القطاعات. على ضوء ذلك تتشكل الديمقراطيات وذلك بالتنافس الشريف بين الاحزاب لوضع خطط تنموية شفافة تطرح على الناس ليتم اختيار الافضل في تلك المرحلة وعندما ينتخب احد الاحزاب تتجه الاخرى لاحترام ارادة الشعب ومؤسساته وتنحى منحى المعارضة بغية دراسة اسباب فشلها لكي تحاول جاهدة تجاوزها في الانتخابات القادمة وذلك بكسب رأي الناس. في الحقيقة تلك الاحزاب لاتعتبر ذلك فشلاً بل اعادة نظر في كل شيء لتخطيه لكي تحقيق النجاح وذلك بوضع ستراتيجية جديدة للتخطيط والبناء والرفاهية في كل المجالات. ومن اهم الامور ان قادتها عادة ما يستقيلون لفتح الباب امام دماء جديدة تأخذ على عاتقها اعادة صياغة البرامج من جديد. هكذا يتم التنافس في البلدان المتقدمة مثل بريطانيا وامريكا والدول الاسكندنافية وفرنسا وهولندا وغيرها وهي بلدان ذات اقليات عديدة واعراق متنوعة من مختلف القارات والاديان والقوميات … ولايوجد فيها حكومة تمثل الجميع بل يمكن للبرلمان ان يكون فيه كافة الاعراق.
الديمقراطية التي ولدت مشوهة ومعاقة في العراق من رحم الاحتلال الامريكي وليس من رحم الوطن الام هي ليست ديمقراطية بل تهريج سياسي فوضوي. الديمقراطية الحقيقية لابد ان ينتج عنها بناء وتقدم وامن ورخاء وما نتج عن الفوضى السياسية في العراق هو فقدان لجميع العناصر المذكورة بل وحصول العكس من ذلك الا وهو الخراب وفقدان الامن والقتل واستبدال الاحتلال بالاحتلال وتفشي الفساد الحكومي وطغيان الارهاب … في العراق هناك محاصصة سياسية عرقية ومذهبية وقومية ودينية وليس ديمقراطية … الاحزاب التي تولد من رحم المذهب والعرق والدين والقوم لا تخدم الا اولئك بل الاحرى لاتخدم الا اصحابها متخذة من المذهب والدين وسيلة … ومن ابسط الامثلة الاحزاب السنية والشيعية والكردية في العراق فهي لم ولن تخدم الا المنضوين تحت يافطاتها … لنرى ماذا فعلت حكومة المحاصصة الطائفية (السوبرديمقراطية) في العراق؟ …. الاحزاب السنية المشاركة في الحكومة لم تهتم بالمناصب وتقسيمها والوزارت وتصنيفها بل اهتمت بمناطق السنة فحققت الامن لها والامان وانتعاش الاقتصاد واعادة البناء واصبح في كل مدينة من الموصل الى الرمادي الى تكريت مستشفيات جديدة وطرق سريعة وكهرباء مثل بقية العالم ومدارس جديدة واسواق يتوفر بها كل شيء وانتعشت الزراعة والمصانع وتم توفير السكن للمواطنين وتم القضاء على البطالة بشكل تام وتم رفع الاجور والرواتب وانشأت مراكز الرعاية للكبار والحدائق العامة ومراكز الشباب واما الامن فهو مستتب بحيث لم يتم تسجيل مهاجر واحد من مدينته بل وعادت الكوادر والكفاءات لكي تمارس دورها في البناء وتتمتع ببلدها ومدنه العامرة كباقي البشر …. هكذا هو حال الرمادي وبلد وهيت والموصل وكركوك وتكريت … اذن …. لاتعليق !
اما الاحزاب الشيعية فهي تستمد مبادئها من ثورة الحسين ليس لخداع الناس بل كما نرى مدنها مثل كربلاء والنجف وبابل وذي قار والبصرة وميسان والقادسية وواسط تنعم بتوفر الخدمات بشكل لاينقطع وقد تم بناء مولات واسواق مركزية وشوارع مبلطة ومستشفيات حديثة ومصانع كبيرة بحيث اصبحت تلك المدن تظاهي البلدان والمدن العالمية المتطورة … وليس صحيحاً انه تم فقط تغيير اسماء المستشفيات والمراكز … وليس صحيحا انه قامت بعض الاحزاب على الاستيلاء على الاراضي التي تضم خدمات مثل الكهرباء فازالتها وليس صحيحاً انها حتى المقابر استولت عليها وهلم جرى … ونفس الشيء ينطبق على الاحزاب الكردية التي ما انفك اصحابها متحابون باسم الوطنية والقومية الكردية ويسعون للانفصال لانه يجلب لهم رفاهية اكبر تفوق رفاهية نفط البصرة وفاكهة ديالى وتنوع العقول والتجارة والوطن الاكبر المتنوع …
لو كانت الصورة السابقة المعكوسة فعلية لاصبح العراق نموذجا للديمقراطية ولكن للاسف ذلك هو ليس الحال الذي لايحتاج الى تعليق ..
الحل كما قلنا سابقاً وكما قاله الشعب ويقوله اليوم هو نبذ الطائفية والمذهبية والعرقية واحزابها لانها فشلت فشلاً ذريعاً مخجلاً … والانكى من ذلك انها لاتعترف بالفشل وهذه مصيبة دهماء .. ولنذكر المسميات لان ذلك واجب على كل مواطن فقد فشل حزب الدعوة برئيس وزرائه نوري المالكي ثم برئيس وزرائه حيدر العبادي فشلاً بعد فشل … بل وهو يصر على انه ليس فاشل … كذلك فشل معه ائتلاف الحكيم وائتلاف علاوي وجماعات السنة كلها وكذلك الشيعة ناهيك عن الاكراد … الجميع فشل لانهم ليس لهم هم سوى الطائفة والمذهب من اجل الوزارة والمنصب .. (تلك الوزارة لنا وهذا المنصب ليس لغيرنا وهذا الوزير هو مرشحنا وليس لدينا بديل … وذلك لايروق لنا فنحن منسحبون من الوزارة … وهذا لم يسرق المال العام لانه من طرفنا … وهكذا هم … كالاطفال المشاغبين الكسالى عندما يتعاركون في الشارع خاج المدرسة) ! اما الوطن فليذهب الى الجحيم لافرق بينم سني مغشوش وشيعي مغشوش وكردي منفوش …
الحل هو ان يستقيل العبادي من حزب الدعوة ويكون حكومة ليس لاحد فيها انتماء سياسي حسب الكفاءة وعليه يكون عملهم من اجل الوطن وليس الجماعة ولايهددون بالانسحاب ثم يتم تحديد موعد انتخابات تنطلق منها احزاب لاتنتمي الى دين ولا الى مذهب بل تضم الشيعة والسنة والكرد والعرب في الحزب الواحد مع منع المسميات تلك .. ولابأس ان تشترك الكتل الموجودة حالياً لانها سوف تجد نفسها لاينتخبها احد بعد اليوم … الشعب لايريد المحاصصة لانها فشلت كما فشلت في لبنان … فلا يريد الشعب رئيس كردي ولا رئيس وزراء شيعي ولا رئيس برلمان سني … بل يريد رئيس وطني لايهم ماهي قوميته او دينه او مذهبه … والوطنية لاتأتي من المذهب والدين بل من الوطن … ولايريد الشعب احزاب دينية ولا يريد ان يكون الدين جزء من السياسة لان ذلك فشل …. فالحكم يبقى مع الكفر ولايبقى مع الظلم …
|