التدحس آفة الجهاز الإداري العراقي |
في جلسة حوارية بين مجموعة من الأصدقاء غير رسمية بل اخوانية وحديث بين المتحاورين عن هموم الجميع حول البلد وأين يتجه في ضوء المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية بعد مرور ثلاثة عشر عاما على الاحتلال والعراق يتراجع بدلا من السير باتجاه التنمية والتطور والانتقال الى الحال الأفضل كما يتمناه الجميع ,ترد بين المتحاورين مصطلحات ذات معنى اصلها من الأمثلة والكلام العام لدى العامة من الشعب ومن بين هذه المصطلحات مصطلح ( التد حس ) وهذه الكلمة تشير الى الجماعات التي تحاول الاندساس بين المتنفذين ،للكسب الشخصي اذ ان هذا الاندساس او التد حس هو امر منبوذ من قبل الجميع ويعتبر امر معيب ،لكن البعض ومنهم أناس يعدون من الفئات المثقفة ،لكنهم ومن المؤسف يتد حسون مع التيارات والكتل التي تهيمن على السلطة وتنسق معها من اجل الحصول على موقع في السلطة و فعلا تحصل مثل هذه الجماعات على مراكز سلطوية رغم غياب مواصفات القيادة والإدارة الكفؤة في هذه الجماعات المتد حسة وبأساليب واشكال مختلفة ،لكن الامر الأهم والغائب عن اذهان هؤلاء المتد حسين ومن قبل من مكنهم من الاندساس والحصول على مراكز هي في الحقيقة ليست استحقاقهم بل استحقاق اخرين مؤهلين وقادرين على تقديم منجزات في صالح البلد وتطوره والانتقال به الى الحال الأفضل غاب عن اذهانهم ان المسؤولية كبيرة وان المطلوب ليس اشغال المناصب للانتفاع بل لخدمة الوطن ،لكن الإصرار على التمسك بالسلطة والمسؤولية رغم عدم تمكن هذا البعض من تقديم الأداء الأفضل هو ما زاد البلد تراجعا ،حيث ساهم هذا التد حس بوصول أناس ساهموا في ضياع الأموال العامة وشيوع ظاهرة الفساد بل اصبح الفساد ثقافة بين أوساط المسؤولين ،وفي سياق حديث احد المتحاورين يذكر ان احد الأصدقاء يقول له انه انفق مائة مليون دينار في حملته الانتخابية لكنه لم يستطع تحقيق المستوى المطلوب للوصول الى مقعد في مجلس احدى المحافظات ،يقول المتحدث قلت له اذا كنت تملك مائة مليون دينار علام هذه المغامرة والاشتراك في الانتخابات وهذه الخسارة الكبيرة رد عليه وكما يقال بالعامية ( شوف هذا ) بعقد واحد اطلعهن ،ان هذا الكلام يوضح المدى الذي وصلت اليه ثقافة الفساد المالي والإداري دون علاج او تراجع في هذه الظاهرة التي أوصلت البلد الى حافة الإفلاس ،ولا يمكن استثناء أي جهة او جماعة او كتلة حزبية او دينية او سياسية بل الجميع سواسية في هذا الامر ،ومن المؤسف حقا ان هناك من يؤيد هذه الظاهرة ويدعو البعض للسير في هذا النهج من اجل كسب منافع ضيقة ،أي للحصول على فرصة لأشغال مواقع قيادية في الدولة غير ابهين بتبعات هذا النهج ومدى مقبوليته من قبل المجتمع ،ورغم هذا الرفض الاجتماعي لهذه الظاهرة الا ان البعض يشجع البعض أيضا للسير في هذا الاتجاه المرفوض ،والذي يشجع هذه الظاهرة قبول القيادات الإدارية لهذه النماذج التي يتم ترشيحها كنتيجة لظاهرة التد حس وهي ظاهرة لا يمكن ان يقبلها او يعملها أي فرد مالم يكن قد اقتنع بها وليس لديه ما نع من قبولها وما يترتب عليها من نتائج غير ابها بالنقد الذي يوجه اليه من الاخرين الرافضين لهذه الظاهرة المقيتة ،وقد أدت وتؤدي الى انكفاء الاختيار على أساس الكفاءة والقدرة في أداء الاعمال والمسؤوليات لما فيه خدمة الصالح العام ،في حين يركز شاغلي القيادات الإدارية الآتين بطريقة التد حس كما هو معروف على الإخلاص لمن مكنوهم من الوصول الى المراكز التي يشغلونها دون مراعاة مصلحة البلد او الصالح العام كما يجب . و دعوة خالصة لكل من لديه غيرة او اخلاص او حب لهذا الوطن الجريح ان يعمل باتجاه اختيار القيادات التي تعمل بإخلاص وبكفاءة للانتقال بالبلاد الى بر الأمان من خلال التركيز على ما يؤدي الى تحقيق التنمية في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والعلمية والخدمات ،فالعراق بلد الخيرات و معروف بثرائه عالميا وليس من المنطقي ان يعاني شعبه من الفقر والحرمان ،ومن اجل تحقيق العدالة الاجتماعية يجب نبذ كل الأساليب اللا شرعية في إدارة البلد والاحتكام الى القانون حيث لا يمكن لا احد ان يعترض او يختلف مع دولة مؤسسات تعمل وفقا للقانون ودعوتنا لبناء هذه الدولة دولة المؤسسات لأنها الضمانة للبلد ضد كل التوجهات التي تخالف القانون .
|