فشل الحكم

 

 قد يبدو العنوان مثيراً للكثير ممن يحاول إيهام نفسهِ والآخرين ان الشيعة لم يحكموا العراق بشكلٍ مطلق أو انهم كانوا جزءاً من منظومة حكم تشترك بها جميع المكونات ولكني سأستعرض الأخفاقات التي وقعت في المناطق ذات الغالبية الشيعية فقط دونً عن العراق كبلد واحد لتحري الدقة والموضوعية في هذا الطرح وكما يلي :

1- شرعنة الفساد بمعنى ان كل المفسدين في هيكلة الدولة العراقية لم يكونوا فاسدين كأشخاص فقط بل كانوا أدوات لفساد احزاب ومؤسسات تحتاج التمويل في حملاتها الانتخابية او صراعاتها الحزبية او بناء هياكلها ومنظوماتها الإدارية وقواعدها الجماهيرية فأصبح التغاضي عن محاسبة الفساد هو أشبه بتبادل ادوار وغض البصر وَلّدَ بالنتيجة حتماً اتفاقاً عُرفياً بين مؤسسات الدولة الحاكمة على ترتيب أولويات في مقدمتها بناء الأحزاب والتيارات قبل بناء الدولة لان الهدف هو الإبقاء على مقاليد السلطة وهذا ينعكس أيضاً على الأشخاص المرتبطين بدوائر خارجية مخابراتية كانت او حكومية فتمويل دورهم في العراق اصبح من خلال عملائهم وليس من ميزانيات تلك الدول .

2- الدور الإقليمي وهنا قد يطول الحديث عن ستراتيجيات الدول المحيطة بالعراق ومتبنياتها في الداخل والجهات التي ساهمت بصنع أحزاب وتيارات متصارعة ايدلوجياً لصالح تلك الدول لضمان الإبقاء على تبعيتها وولائها فأعتمدت على أشخاص ليسوا بمستوى المسؤولية لديهم كارزما معينة أبعد ما يكونوا عن الوطنية وحب البلد اقرب مايكونوا الى حب الذات والمصالح الشخصية

3- دور المؤسسة الدينية التي دعمت الى حد ما بعض التيارات المتدينة لبناء أسس الدولة هذا الدعم كان محدودا ولفترة قصيرة سرعان ما أكتشفت ان هذه الأحزاب هي ليست بمستوى طموح تلك المؤسسة او تطلعات الشعب العراقي ولا تتحمل المؤسسة الدينية أي مسؤولية عن ذلك الدعم فلم يكن لها خيارات متعددة ولم يكن هناك بدائل بل كان واقعاً عملياً متوفراً فأما ان يتم توجيهه وفق ستراتيجية بعيدة الأفق في بناء دولة مؤسسات أو تركه ليكون هنـاك واقع آخر غير محمود العواقب.

4- دور المواطن وهذا ذو شجون فسنوات الحرمان والإقصاء والحرب على تقاليد وأعراف وشعائر الناس دفعت بالشعب الى القبول بل ودعم أشخاص ومؤسسات  كرد فعل على فترة الحكم السابق وليس عن قناعة وبالتالي خنوع المواطن قادهُ الى التسليم بأن دورهُ لا قيمة له ..

5- التكريس الطائفي والتمحور مذهبياً أدى الى غياب المهنيين والتكنوقراط أدى الى بناء دولة الإقطاعيات ودويلات المدن على حساب دولة المؤسسات.

واذا أردنا التحدث عن قرآءة لمستقبل تلك الشخوص والأحزاب والتـــــيارات والمؤسسات الحاكمة فلا يملك مراقب او متابع لسيرة الحكم في العراق إدراكا او اداة يعتمد عليها في تلك القراءة فتسارع الأحداث في العراق والمنطقة والصراع الدولي والاقليمي ودخول أطراف جــــديدة في اللعبة كل ذلك لا يترك مجالا ان تكون لأي قراءة ذات نســـــبة من المصداقية او الصحة كل ما نستطيع قوله هو أننا لا زلنا نحلم بدولة المواطــــــــنة والعدل يحدونا الأمل في تحقيقها في بلدنا.