الاصلاح وأس البلاء |
( اذا كثر الملاحون غرقت السفينة ) … مثل قديم قيل في مناسبته ، ويصلح لكل مناسبة مماثلة ، ويؤكد ليس دور الربان الماهر في قيادة السفينة فقط ، وانما في قدرته ايضا على توفيرالاطمئنان لركابها والوصول بهم الى بر الامان، مهما كانت قوة العواصف وارتفاع موج البحر .. مثل يلخص كيف تكون العلاقة بين السفينة والربان والراكب .. وقس على أمثالها .. فلا يمكن أن تبحر السفينة الكبيرة ، ولا الزورق الصغير دون أن يتولى عملية الابحار ملاح ماهر ، بدونه تلعب الرياح لعبتها ، وينتهي مصيره الى الغرق ، وكذلك تغرق السفينة عندما تتجاذبها مصالح ورغبات واهواء واراء أكثر من ربان يقودها فتصبح في مهب الريح ، تتقاذفها الامواج العاتية وبالتالي يكون مصيرها الضياع في البحر الهائج .. قفزهذا المثل الى الذهن ، وأنا أستمع الى خبرقصير عن إجراء تعديل وزاري في إحدى الدول العربية شمل عشرة وزراء دون ضجة سياسية واعلامية ، أو أخذ من ردود الفعل ما أخذه مجرد خبر عن نية رئيس الوزراء في بلادنا إجراء تعديل وزاري في عدد من الوزراء .. والسبب واضح … لان رئيس الحكومة في تلك الدولة بغض النظر عن طبيعة نظامها ( رئاسي او برلماني ) وهل كان على صواب ام على خطأ ، هو صاحب القرار في التغيير، ولا يخضع لسلطة هذا الحزب أو ذاك ، وليس مطلوبا منه الوقوف على رأي الاحزاب أو غيرها ، أو هي من ترشح الوزراء ، رغم وجودها المؤثر في مجلس النواب ، والشارع ، ودورها في المتابعة والرقابة لاداء الحكومة ، واستدعاء ومحاسبة المقصر ، بل يتخذ قراره تحت ضغط الحاجة الى التغييرعندما يرى أن هذه الوزارة أو تلك لم تستجب لها ، ويعاني المواطن منها ، أو عندما لا تواكب التطور فيها أو يكتشف بالتجربة عدم قدرة ذلك الوزير على قيادة الوزارة وتحقيق برنامجها وما مطلوب منها .. فهو ملتزم ببرنامج أمام الشعب ، وعليه تنفيذه بدقة ، وبخلافه لا يقال فقط ، وانما يحاسب أيضا .. ووجود قائد صاحب قرار في هذا الشأن لا يعني غياب القيادات الاخرى أو الغاء دورها ..أي أنه لكل قائد مجاله وتخصصه ، وحدود صلاحيته وقراره ، وبخلافه يفقد التخصص أهميته ودوره ، وتضيع حدود المسؤولية ، وتصعب المحاسبة ، وتعم الفوضى ، وينتشر الفساد بشكل كبير . وتداخل القيادات مع بعضها يمنع بروز قيادة كفوءة قادرة على تحقيق أمل وتطلعات الجماهير وهو من صميم مسؤوليتها .. فالاصلاح قرار لا يحتاج الى انتظار ، بل تفرضه الضرورة في لحظته .. والاصلاح لا يتوقف عند قانون فقد صلاحيته وبان ضرره بالتطبيق ، بل منهج حياتي متواصل ، ومراجعة مستمرة ، ورغبة دائمة ، وليس هبة عابرة .. أو خطوة عاجلة تحت ظرف آني … أنه ضرورة ما دامت الحياة في تطور، ولا تقف عند حد معين .. ولذلك فان التركيز على جانب واحد في الاصلاح كأن يكون مبدأ التكنوقراط فقط في اختيار الوزراء رغم أهميته لكل الحلقات الوظيفية لا يحقق الهدف المطلوب ، إن لم يقترن بالكفاءة في الضمير والنزاهة ، والقضاء على ظاهرة الفساد ، ومحاسبة المقصرين ، واعادة الاموال المنهوبة ، وتوفير الخدمات بكل مرافقها ، لأن مشكلة العراق اليوم ليست في التكنوقراط فقط ، بل يحتاج الى عملية اصلاح شاملة تبدأ من التخلص من نظام المحاصصة… وهي أس البلاء …. فهل سيكون اختيار الوزراء من التكنوقراط هو الخطوة الاولى على هذا الطريق الطويل …؟.. نتمنى .. {{{{{ كلام مفيد : من الجنون أن تفعل ذات الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتيجة مختلفة … ( البرت انشتاين ..) .. |