رسالة مفتوحة إلى وطني وشعبي

 

من المحزن إني قد عبرت عقود من السنين ، واني شاهد على هذا العصر حيث رأيت أهم الإحداث بأم عيني ، لم اسمعها او اقرأ عنها حتى اشكك في صحة مصداقيتها . لقد فتحت عيني وأنا أرى شعبي لم يستريح ولم يهدأ له بال ، يخرج من مصيبة فيقع في مصيبة اكبر، ويذهب قائدا (همام) ويأتي أخر أكثر شراسة ووحشية ، فيضع شعبي في مأزق او نفق لا بصيص ضياء فيه ، لم أرى شعباً كشعبي عانى الأمرين وضحى بالغالي و الرخيص لا لشيء ، وإنما لتحقيق رغبات الحاكم في التسلط والجبروت ،شعب ٌ أعطى فلذات كبده من مئات ألاف الشباب بل الملايين من ولده بعمر الورد يزفهم كوكبه تلوه كوكبه إلى محرقة الموت والى المقابر، وليس إلى حفلات الزفاف ، كل هذا من اجل لا شيء ، فقط من اجل حروب خاسرة ، لم يجني الشعب والوطن غير الشهداء والخراب والفقر والجهل والتهميش ، ولا نسمع غير البكاء والعويل طيلة سنوات العمر العجاف من أمهاتنا الثكلى واللواتي لم يربين أولادهن لكي يعيشوا كباقي الشباب في المعمورة سعداء ينعمون بترف الحياة وخيراتها ، وإنما لأجل ان تسفك دمائهم دون إي سبب او مبرر ، ولا لمشيئة الله سبحانه وتعالى وإنما لمشيئة السلطان الجائر ورغباته ، عقود من السنين مرت على وطني ، ووطني لا يستكين ، ولا يهدأ له بال تُحاك له المؤامرات من الداخل والخارج ، تأمروا عليه اقرب الناس له ، غدروا به إخوان يوسف والقوه في اليم ، لا لكونه قبيح او لكونه مجنون وإنما لكونه يمتلك ما لا يمتلك الآخرون من الحكمة والجمال والبصيرة ، وطني أيها المهر الأصيل الذي يبحث لعقود من السنين عن فارس يصعد ناصيته ويلزم لجامه لينقذه وينقذ شعبه من إمراض هذا العصر ومن ادعاء شذاذ الأفاق ممن يدعون الوطنية والنزاهة واهم أكثر الناس خسة ولصوصية ، وأنت يا شعبي الأبي متى تصحى من هذا الكابوس وهذا النوم العميق في عز الظهيرة ، متى تفهم ومتى تدرك الأمور على حقيقتها وتعرف الحكام على حقيقتهم دون تزويق وتجميل من الحاشية ومن أصحاب النفوس الضعيفة المحيطين بهم والمطبلين في وسائل الإعلام وأصحاب الأصوات الرخيصة والمزامير العالية الصوت التي تهتف (يحيا القائد…بروح …بالدم نفديك يا فلان … والموت لفلان وعلان )، والذين يجعلون من الحاكم ضرورة او صنما يسجدون له أكثر من صلاتهم الخمس لله ، ويجعلون من انتكاساته انتصارات ومن خذلانه عزيمة ويضحكون على ذقون الفقراء من عامة شعب الذين لا يجدون رغيف خبز يملأ بطونهم الخاوية ولا يملكون شبرا من أرض الوطن كمأوى لهم ولأطفالهم المحرمون من التعليم ، في حين تحت إقدامهم بحيرات النفط يتمتع بدولاراتها من يدعون الدين ومن يدعون عدالة أبا تراب (ع). أين انتم يا أبناء شعبي من الحكمة التي تقول ( ان المؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين ) ، وها …انتم في كل يوم تُلدغون مرتين ، وربما أكثر من أفاعي العصر التي ابتلعت كل شيء في طريقها من أموال الشعب وممتلكاته ، وأصبحت كروشها كبيرة لا تنفع معها كل طرق الترشيق الحديثة في العالم لتجميل هيئتها . أما حان الوقت يا شعبي أن تعيد النظر في كل شيء وان لا تكون عاطفي أكثر من ألازم وان لا تنخدع بالكلام المعسول وقد ذقت كل أنواع المرارة على يد الساسة منذ عقود ولهذا الحين . والى متى تبقى الغشاوة على عيناك لدرجة انك لا تفرق بيم الألوان وبين المسميات ولا تعرف من هو الصديق ومن هو العدو ومن هو ذلك الذي يقتل القتيل ويمشي في جنازته ، أليس الأمر سهلا عليك ام لازال صعبا، هل أنت لا زلت في سباتك نائما ؟؟ فوالله ان بقيت هكذا لم يرحمك التاريخ ولم يرحمك من يتصيدون في الماء العكر ومن وحوش العصر في الداخل والخارج ، وسوف يعاتبك أبا تراب وأبا الشهداء الحسين عليهم السلام على هذا الخنوع الذي أنت فيه لكونك لم تتعض ولم تأخذ نصيحتهم ، اللهم إني بلغت …اللهم فشهد .