متى تكون لنا سدودنا أسوة بالإمارات ؟

إذا كانت الإمارات - الدولة المتصحرة الغارقة في لجة البحر - تمتلك الآن ما لا يقل عن (145) سداً مائياً رصيناً. تقدر سعتها التخزينية بحوالي (7430) مليون متر مكعب، للتحكم بمياه السيول والأمطار والمياه الجوفية، وإذا كان في نيتها إنشاء (96) سداً وحاجزاً وقناة إضافية في السنوات القليلة المقبلة لتعزيز مخزونها من المياه العذبة، فمتى تكون لنا سدودنا ؟، ومتى تكون لنا حواجزنا وقنواتنا الإروائية ؟.

نحن هنا لا نتحدث عن المنظومات الإروائية العملاقة في ألمانيا أو هولندا أو بلجيكا أو في فيتنام أو البرازيل، أو أي دولة معروفة بأنهارها العظيمة كالأمازون والمسيسبي والدانوب والراين والنيل، بل نتحدث عن دولة ليس فيها نهراً واحداً، وليس فيها أهوار كأهوارنا، ولا جداول كجداولنا، ولا بحيرات كبحيراتنا. لكنها توجهت نحو الصحاري والبراري، من أجل ضمان تنميتها المستدامة وتعزيز مواردها المائية، من خلال تبنيها لمشاريع الحصاد المائي، والتي كان من أبرزها: مشاريع إنشاء السدود والحواجز والبحيرات، لحماية الناس من مخاطر السيول والفيضانات، وتحقيق النهضة الزراعية، التي كانت تعتمد على المياه الجوفية، فباشرت أولاً ببناء عشرة سدود، بلغت سعتها (48) مليون متر مكعب، ثم بنت بعض الحواجز والسدود الصغيرة بطاقة تخزينية قليلة، بيد أنها تخطت الحدود المتوقعة، فتوسعت في هذا المضمار بالطول والعرض، حتى تحولت سدودها في وادي البيج، ووادي خب، ووادي زكت، ووادي حام، ووادي الفيل، ووادي أذن، ووادي غلفا، ووادي حذف، ووادي الوريعة إلى منظومات إروائية، وواحات زراعية، ومعالم سياحية زاخرة بالخير والعطاء.

فالإمارات المعروفة بمناخها المزعج، والتي لم تكن تعرف طعم المياه العذبة لولا هطول الأمطار الشتوية، التي قد تتسبب بجريان بعض السيول السطحية في بواطن الأودية، صارت عندها الآن ثروات مائية هائلة، بينما تراجعنا نحن الذين نعيش على ضفاف دجلة والفرات وشط العرب، حتى تيبست حقولنا وتفحمت بساتينا، وأصبحنا نستورد التمور من الكويت والسعودية والإمارات. ولم نكن نتوقع أن تصل بنا الأمور إلى اليوم الذي تُباع فيه أكياس التمور المستوردة في أسواق أبي الخصيب بالبصرة، أو في أسواق القرنة وقلعة صالح.

فالغباء الذي انتهجته الدولة العراقية هو الذي أوصلنا إلى الحضيض، وهو الذي جعلنا نقف مبهورين مندهشين أمام تعاظم غابات النخيل في دبي وأبو ظبي ورأس الخيمة وأم القوين والفجيرة.

المضحك المبكي أن الأقطار الأوربية هي التي أطلقت صفارات الإنذار لتحذيرنا وتنبيهنا من احتمالات انهيار سد الموصل، وهي التي أرسلت فرق الأنفاذ لدراسة أوضاعنا المائية غير المستقرة، وهي التي اعترضت على حكومة أنقرة، ووقفت ضد مشروع (الغاب) الذي يقضي ببناء (22) سداً مائياً جباراً فوق منابع دجلة والفرات في هضبة الأناضول، بينما وقفت منظماتنا (الوطنية) موقف المتفرج، وكأن الأمر لا يعنيها أبداً، ولله في خلقه شؤون.