إدارة الأزمات

 

تشكلّ الأزمات جزءً أساسيا في الحياة السياسية بصورة عامة والشرق الأوسط بشكل خاص انطلاقاً من النظرة إلى السياسي على انه الشخص القادر على التعاطي الأفضل مع " فن الممكن " وهكذا فقد برهن الكثير من الساسة في مختلف الأزمنة والأماكن أنهم يمتلكون " عصا سياسية " قادرة على توظيف الاختلافات أو تعزيز المشتركات أو النأي بالحالة الاجتماعية من حالة الصراع إلى حالة الوئام وليس بطريقة الإيهام بان الأمور بخير وهي ليست كذلك على ارض الواقع او الإيحاء وبنوع من اليوتوبيا إن حلولاً مثالية يحملها المستقبل القريب دون الاستناد إلى الأرقام التي تعزز ذلك وبدون وجود مقدمات تؤدي إلى تلك النتائج كما اعتاد بعض الساسة تسويقه للجماهير ظناً منهم ان ما كان صالحاً في زمن ما يمكن إعادة تسويقه في هذا الزمن .
ان فجوة كبيرة نشأت ما بين السلطة والجماهير تتحمل السلطة ورموزها جزء منها فيما تتحمل قوى الضغط والأحزاب خارج العملية السياسية التي كان وفقاً للعملية الديمقراطية دور الوسيط بين الحكومة والجماهير ليس فقط من باب الحرص على الحكومة وديمومة الحياة السياسية وإنما لمصلحة تلك القوى المغلقة بعملية تبادل الأدوار فمن وصل إلى السلطة اليوم سوف يكون في المعارضة غداً وهكذا تستمر العملية السياسية ويتم التبادل السلمي للسلطة وفقاً لعملية تم الاتفاق عليها لا أن تتحول إلى عداوات شخصية ومحاولة إفشال تجربة ما ظناً إن ذلك الأمر سوف تنعكس نتائجه السلبية على السلطة الحالية مع تجاهل الآثار الكبيرة على العملية السياسية كذلك فان أمراً آخر في غاية الخطورة هو إن المواطن ومن تتابع الاحباط واللا جدوى سوف لن يقتنع مطلقاً بالعملية الديمقراطية والتفاعل معها وهو أمر يفتح الباب أمام التطرف والتشدد في الدخول بقوة لتنفيذ أجندات عجزت عن تمريرها بواسطة العملية الديمقراطية كما إن مركب العملية السياسية لن يستثني احداً قد يظن انه بعيد عن تلك التأثيرات وهذه العملية في إدارة الأزمات تتطلب وعياً مشتركاً تلعب فيه مختلف القوى السياسية ما يتناسب مع مكانتها وتأثيرها من ادوار وتستلزم إعادة جسور الثقة التي تهدمت بفعل سنوات الوعود التي لم يتحقق معظمها لسبب أو لآخر وضرورة إجراء مراجعة ومكاشفة ومصارحة مع الجماهير التي أصبحت المنطقة العربية وبعد وقت متأخر تدرك أهمية قرار الجماهير وقدرتها على التغيير .