المتتبع للشأن العراقي ومن خلال قراءة هادئة لهذا المشهد لابد ان يصل إلى إستنتاج بإن الشعب العراقي وبالأخص المعتصمون منه تعرضو إلى أكبر عملية إبتزاز وخداع والقفز على مطاليب الشعب العراقي التي كان المعتصمون ينادون بها من قبل مافيات الفساد الذين يحتلون مقاعدهم في البرلمان العراقي من خلال بؤرهم الموبوءه في هذا البرلمان العتيد وإسقاطات هذه البؤر في هيكلية الحكومة العراقية. وما حدث يمثل أكبر إنتصار لمافيات الفساد هذه حيث من خلال تفننهم في إدارة الأزمه إستطاعو أن يحولو مطاليب الشعب الحقيقية في محاربة الفساد والمفسدين إلى تقزيمها وجعلها مطاليب تقتصر على تغيير الوجوه المعروفه في الحكومة العراقية بوجوه إنبثقت من رحم المفسدين يتسلح البعض منهم بشهادات عليا ولكنهم وجوه لا يعرفها الشارع العراقي...ومجرد الإطلاع على أسماء الكابينه الوزارية المقدمه من قبل السيد رئيس الوزراء يجد إن هذه الكابينه هي كابينه مسيسه بإمتياز وهي سوف تكون مطية لأحزاب الفساد التي رشحتهم ولا علاقة للتكنوقراط من قريب أو بعيد بأغلب وجوه هذه الكابينه البائسة...نحن هنا لا نريد أن يفهم البعض بأننا متشائمون وقد يرتفع صوت هنا او هناك يقول لنا لننتظر ونرى مخرجات هذه الكابينه الوزارية وبعد ذلك نحكم عليهم, وهنا مربط الفرس حيث يحق لنا إثارة السؤال التالي: لماذا التظاهر ولماذا الإعتصام...لقد تظاهر الشعب العراقي وإعتصم هذا الشعب لتحقيق هدف واحد فقط وهو القضاء على الفساد والمفسدين وما يترتب على هذا المطلب من تقديم حيتان الفساد إلى القضاء وإعادة الأموال المنهوبه إلى الدولة العراقية علما إن البعض من هذه الحيتان وصل به الحد بعدم التحرج من إعلان ذلك في وسائل الإعلام إستخفافا منه بالقضاء العراقي والحكومة العراقية...وإن فلسفة الإنتظار التي يسوقها البعض أما جهلا أو يمثل صوت المفسدين سوف توفر أرضية صالحة لهم بحزم حقائبهم والذهاب إلى موطنهم الأصلي بعد ما تحولو من شحاذين ومتسكعين في شوارع أوربا إلى أصحاب ملايين الدولارات ان لم يكن مليارات وعقارات منتشرة في أرجاء المعمورة ولسان حال المعتصمون والمتظاهرون يقول "كأنك يابو زيد ما غزيت". لعدم تحقق الهدف المطلوب...مشكلة الفساد والقضاء عليه لا تكمن في تغير الحكومة واعطائها وصفا معينا, إن ظاهرة الفساد والإستيلاء على المال العام وافراغ ميزانية الدولة تجري وفق قوانين فاسده وتشريعات مقيته من خلالها تم شرعنة الفساد وشرعنة نهب ميزانية الدولة وقيدت يد القضاء في التعاطي مع ملفات الفساد وهذا يعني إن موطن الخلل يتمركز في بؤر الفساد التي تعشعش في البرلمان العراقي حيث إستطاعت هذه البؤر من ان تلعب اولا على عامل الزمن عندما بدأت الإحتجاجات وبعد ذلك ومن خلال إستعانتها بمكاتب عالمية تعرف لعبة كيفية إدارت الأزمات إستطاعت بؤر الفساد من تحويل الأزمه وتوجيه المطالب من القضاء على الفساد إلى مطلب متقزم هو تغير الحكومة ثم بدأ الترويج إلى ما بات يعرف بحكومة التكنوقراط وكثرت الخطابات من هنا وهناك حتى اقتنع البعض إن الخلل يكمن في الحكومة عندها وبعد ما اقتنع الجميع بهذا المطلب تم تحديد سقفا زمنيا لرئيس الوزراء بتقديم كابينته الوزارية التي اشرف على إدارتها وتهيئتها وتسليمها لرئيس الوزراء بؤر الفساد نفسها في البرلمان العراقي وهي كابينه مستله من أحزاب السلطه ولكن تم تغير الديكور فقط هي كابينه محاصصة بإمتياز لذلك تجد بؤر الفساد في البرلمان العراقي تنفست الصعداء بتحقيقها نصرا على الشعب المظلوم والذي لا يعرف بالضبط حجم المؤامرات التي تحاك ضده ورجع المعتصمون إلى بيوتهم فرحين بما تحقق لهم من نصر توهموه وجلس شذاذ الآفاق على موائدهم يحتسون نخم إنتصارهم مره أخرى على شعب مظلوم أعتقد يوما إنه تخلص من طاغية أرعن ليجد نفسه بين فكين لا تعرف الرحمه والشفقه همها الوحيد الدولار وكيف يجمع حتى لو تطلب الآمر قتل نصف شعب العراق...أما الطبقة المثقفه والتي بدأت الإحتجاجات ضد الفساد وتعرف بالضبط الهدف وطريق الوصول إليه وجدت نفسها معزولة مره أخرى بين حيتان الفساد والتي تنهش بلحم الشعب العراقي وبين شعب مخدوع من قبل المفسدين الذين سوقو إكذوبه إسمها حكومة التكنوقراط وصدقها الشعب وهو ينتظر الفرج من هذه الحكومة ولكننا نستذكر قصيده قالها الشاعر الشعبي المصري المرحوم أحمد فؤاد نجم نوردها بتصرف للحالة العراقية بعد الإعتذار للشاعر: حكومة التكنوقراط والعبادي بتاعها كمان....ها تجيب الديب من ديله وتوكل كل جوعان.. وها تحصل نهضة عظيمه وحتبقى علينا القيمه....في المسرح او في السيما او في جنينة الحيوان وتبقى العيشة زلابية ولا حوجه لسوريا وليبيا...وحنعمل وحده أريبيا مع لندن والفاتيكان والفقرا حيكلوا بطاطا وحيمشوا بكل ألاطه...وبدل ما يسموا شلاطه حيسموا عيالهم جان ودا كله بسبب صديقي العبادي الرومانتيكي...ولا حدش فيكم شريكي في المسكن والسكان حكومة التكنوقراط والعبادي بتاعها كمان...ها تجيب الديب من ديله وتوكل كل جوعان.. والآيام كفيلة بكشف ما ذهبنا إليه.
|