هواجس إصلاحية بعد التشكيلة الوزارية

 

بعد انتظار وحراك طويل عنوانه ( الاصلاح ) تسلم مجلس النواب الخميس الماضي التشكيلة الوزارية الجديدة  المقترحة التي  تقلصت الى 16 وزارة ، لم يسلم ( الدمج ) فيها من الملاحظات ، وتساؤلات عن علاقة الثقافة بالرياضة ، والمالية بالتخطيط مثلا ، واستمرار وزارات يمكن ان تذهب مهماتها الى مجالس المحافظات بدل هذا الدمج الذي يختصر الوزارة بالوزير فقط ..

والتكنوقراط  هو سمة الوزارة الجديدة ، ولكنه ليس كل  الاصلاح  ، بل هو خطوة أولى  صحيحة على الطريق الطويل ، وتحتاج الى خطوات جوهرية اخرى ، وفي مقدمتها التخلص من الفساد والفاسدين  ، و( الكتلوية ) ، والعودة الى المواطنة ، بدل المحاصصة ، علها تحقق حلما إستغرق وقتا تجاوز أقصى مدة  للنوم  الطبيعي ، بما فيها قيلولة الراحة ..

وأعقبت تسلم المظروف المغلق ، ردود أفعال متباينة ، بين مؤيد ومعارض للتشكيلة الجديدة ، ومطالبات بمعرفة الوزراء الفاسدين ومحاسبتهم ، وأسباب التغيير ، وما الى ذلك من طروحات قد يفهم منها أن البعض يريد منها الابقاء على قوة المكون ، والكتلة وتحكمها في الاختيار ، وأخر بنية مخلصة للتخلص من الفساد واسترجاع الاموال المنهوبة ، وتساؤل من ثالث في محله .. هل يمكن للوزير أن يحقق كل ذلك إن لم يعتمد على قاعدة تسنده ؟….

 أي أن هناك من بين الاراء من لم  يتخلص بعد في رأيه من ( الخلفية المكوناتية ) ، ومطالبته بنسبة المكون في الوزارة ،  والرجوع الى الكتلة في الترشيح ، وتعجب  من  سبب غلق  المظروف وهذه السرية ما دامت الاسماء ستعرض على النواب ،  أولا واخيرا ، وهو صاحب القرار، وقد القيت الكرة في ملعبه ، فهل له القدرة على صدها، ، ومنع تسجيل هدف ضده ؟! …

وإعتذار المرشح لحقيبة وزارة النفط ( لعدم وجود اتفاق أو توافق سياسي على شكل الحكومة الجديدة ) هل ينبيء ببداية أزمة جديدة ، سواء برفض التشكيلة الوزارية  في جلسة التصويت  او تعديلها باضافة او حذف اسماء منها لكي تحصل على الموافقة  ؟ ..

 وعلى هذا الاساس هناك من يرى أن الكتل السياسية ستكون أمام إختبارعسير في صدق ما كانت تعلنه سابقا ، بانها ضد المحاصصة ، وفي تعاونها مع الوزارة  الجديدة ، وما اذا كانت ستخلق المشاكل والمعوقات لافشالها في حالة اقرارها  ، لكي يبقى النظام يدور في فلك المحاصصة ، والتوازن والتوافق ، بذريعة محاربة التفرد والتمسك بالدستور ، وهذا  بالتاكيد يحتاج الى جهد كبير، وحراك شعبي متواصل ، وتعديل  الدستور لكي يتخلص منها ..

واذا كان التكنوقراط  ضرورة للوزارة وكل مؤسسة في الدولة ، فهو لا يقف عند حدود الشهادة العلمية ، بل يمتد الى  الخبرة والتجربة والتدرج في المهارة ، وقوة الشخصية  في الادارة ، والنزاهة والامانة والحفاظ على المال العام ، وهي من مستلزمات النجاح  وتحقيق البرنامج العام ، وفي مقدمته معالجة الوضع الاقتصادي  المتدهور الذي لم يترك عذرا للوزير بتبرير الفشل  بحجة  العجز المالي ، لانه يعرف مسبقا طبيعة الوضع المالي بعد ان وصلنا الى حد الاقتراض ، والتحديات الصعبة  الاخرى ، بما فيها رفض البعض للتغيير والتمسك بالمحاصصة بذريعة  العدالة بتمثيل المكونات ! ..

ولذلك هناك تساؤل جوابه يكشف مبررات التغيير بوضوح ، ويعطي صورة عن الواقع الجديد … وهو هل قدم  الوزير الجديد خطة معينة للوزارة المرشح اليها ، وهي جزء من  سياسة وبرنامج الحكومة ، وهل وضع سقفا زمنيا لتحقيقها ، خاصة وأنه مضى ما يقرب من نصف المدة لولاية رئيس مجلس الوزراء .. وهل بامكان هذه التشكيلة ان تشافي اقتصادنا المريض ، وتشغل العاطلين  وغيرها من الامور ، أما الامن  فقد ترك للوزيرين دون أن يمسهما التغيير …؟.. وهل لمجلس النواب قدرة للتحقق من كل ذلك خلال مدة عشرة أيام ..؟..

ما هو مؤكد  قبل الاجابة ..انه  قد اُخذ في الاعتبار أنه لم يبق لدى العراقيين متسع من الوقت ، وقدرة على التحمل ، وضياع فرص كثيرة وهدر اضافي للاموال التي استنزفها الفساد المالي والاداري فقد دفعوا ما يفوق طاقة التحمل..

واذا كان لدى اللاعب في كرة القدم فرصة لتسجيل هدف  او اهداف في الوقت الضائع ، لم يسجله في وقت  المباراة الاصلي ، فان الحياة ليس فيها وقت ضائع ، وتذهب الفرصة ان لم يسجل  الانسان هدفه في الوقت الاصلي ،  وحتى لو سجل هدفا سيكون بلا جدوى ، أو يحصل عليه بثمن باهض  …..

فهل يعي الوزيرالمرشح هذه الحقيقة .. ويضع في حسابه أن اللاعب الاساسي أصبح بعد اليوم هو الشعب ، وأصبح يجيد تسديد الكرة في المرمى …

وهل يفهم الوزير أنه أصبح اليوم أمام فرصة واحدة فقط  هي النجاح  ، ولم تبق لدى الشعب قدرة على التجريب مرة اخرى ، فقد مضى من الوقت الاصلي والاضافي ما يكفي ، ويزيد …

الحراك الشعبي جعل المهة ليست بتلك السهولة .. أنها صراع  ليس بين مفهومين …الكتنوقراط والمحاصصة.. بل بين إرادتين  … ارادة التغيير ، واستمرار الحال كما هو عليه .. وستترتب على كل ذلك  نتائج كبيرة …

{{{{{

كلام مفيد :

الحق كالزيت يطفو دائما .