المثقف المنتج |
مهمة المثقف تكمن في نشر الوعي والتأثير في المجتمع،وهذا يعني إن المثقف منتج للأفكار وقادر على إيصالها للآخرين واقتناعهم بها مما يشكل بناء وعي مجتمعي يمكنه إزالة الكثير من التشوهات المتراكمة والتي باتت اليوم عائقا كبيرا أمام من يريد نشر الوعي والتأثير في المجتمع الذي هو جزء مهم منه. وما نقصده هنا هو دور المثقف المنتج في نشر وعي جديد لا القيام بإنتاج الفكر التقليدي وإبقاء المجتمع في دائرة معينة من ألأفكار لم تكن مجدية أو قادرة على إنتاج مجتمع معافى سليم قادر على أن يكون منتجا هو الآخر،وأيضا الحداثة المطلوبة ليست كما يتصور البعض تقليد الغرب ومحاولة استيراد تجاربه الناجحة هنالك والتي قد تفشل عندنا بحكم عدم وجود مقومات نجاحها لدينا. وبكل تأكيد علينا أن نعترف إن المثقف المنتج فعليا طريقه شائك وصعب بحكم وجود قوى مضادة تضع الكثير من العراقيل في مسيرته تصل أحيانا استهداف حياته مضافا لذلك تخوينه إن تطلب ألأمر ذلك والعالم العربي فيه حوادث كثيرة في هذا الميدان سواء في مصر أو لبنان أو بلدان أخرى وهذا نابع من إن هنالك قوى تقليدية في أي مجتمع تتحكم بطريقة أو بأخرى به وما تريد بثه من أفكار له وبالتالي المثقف هنا يعيش صراع حقيقي بين ما يريد إيصاله وما موجود من قوى مضادة تحاول إبقاء المجتمع في دائرتها الفكرية قدر الإمكان لتتمكن من فرض نفسها عليه مع امتلاكها الآليات سواء وسائل الإعلام المباشرة أو المغريات المادية. وهذا يعني إن البعض يحاول إبقاء المجتمع تحت وصايته الفكرية والتي غايتها في المرحلة التالية الوصاية السياسية والاقتصادية وهو الأمر الذي لا يمكن من خلاله إنتاج فكر ووعي حر قادر على بناء رؤية جديدة تتناسب والعصر الحالي. ولعل هذا التشخيص عاشته الكثير من الدول العربية في خمسينات القرن الماضي وما بعده من أحداث تمكنت خلاله هذه القوى من (إنتاج مجتمع) يتناسب وأفكارها دون أن تسمح للمثقف المنتج البعيد عن هيمنتها أن يكون جزءا مهم في بناء المجتمع ووصل الأمر لأن تنتج هذه القوى(مثقف مستهلكا) وهذا التعبير يقودنا لأن نكتشف في عالمنا العربي إن المثقف هو من (يقرأ الجريدة) صباح كل يوم ويردد على مسامع الآخرين ما مكتوب فيها دون أن يكون له رأي فيما كتب وما نشر ومن ثم غاب دور المثقف وتراجع . ومن ثم تكاثر لدينا(المثقف المستهلك)الذي أدمن ما أراد الآخر إيصاله إليه،وتحول هذا (المستهلك) إلى صوت يرفض التجديد والابتعاد عن القوالب التي وضع فيها عقودا طويلة ليشكل أحد العوائق أمام المثقف المنتج. |