الشعب العراقي ليس كئيباً |
أظهرتْ دراسة أجــــــــراها باحثون استراليون تظهر أن العراق من الدول ذوات المعدل المنخفض على مستوى الكآبة. ولا أشك في علمية جامعة (كوينزلاند) ولكن أشك بنفسي على مستوى الفرح. أشك بأصدقائي، كل واحد منهم (مدلغم) و(عبوس) و(وجهه ما يكصه السيف). أشك بالنساء المحجبات بالسواد اللواتي فارقتهنّ الابتسامة الصباحية، أشك بسائق التاكسي وهو يشكو الزحام، أشك بصاحب المطعم وبائع الشاي والبقال والسماك والموظف والحداد والنجار وبائع السبح والخردة واللنكات. وأتساءل: معقولة جميع هؤلاء الناس يخفون السعادة تحت ثيابهم؟ ولماذا يظهرون الشكوى والحزن؟ الدراسة تظهر مسببات تفاقم الكآبة ومنها الجانب الصحي والأمني والخدمي والمعيشي والترفيهي. لذا لا أريد التعليق على هذه الجوانب الخمسة لأنها معروفة للجميع، خصوصاً حين نسمع صوت انفجار سيارة مفخخة وحزام انتحاري، وعبوة ناسفة. وحين نراجع المستشفيات التي تفتقر الى الشروط الصحية والمرضى زرافات إمام غرفة طبيب واحد، والخدمات صارت حديث القاصي والداني، ودائرة التقاعد ملئت بآلاف المتقاعدين على راتب لا يكفي، راتب قصفوه بالتقشف نتيجة إفلاس الحكومة بفضل الفاسدين، فضلا عن البطالة واستشراء الرشوة والواسطة.وليست مقارنة كما ذكرت الدراسة عن اليابان التي انخفضت فيها الكآبة قياسا الى أفغانستان التي يعاني سكانها من الاكتئاب حيث ان مواطنا واحدا من كل خمسة مواطنين تقريبا يعاني من المرض، وهذا ما يحصل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لذا يزداد تساؤلي حيرة عن الترفيه ومقوماته وأدامته وكيفية بث الحياة في وسائل الإعلام إذا عرفنا أن وسائل الترفيه تثير القرف، ومنها التلفزيون الذي صار مادة لإثارة الكآبة من خلال بث أخبار حزينة وصور الناس المرعوبين من الموت وتفجير المساجد والجوامع والمقاهي والمحلات والبيوت والشوارع وحتى ملاعب كرة القدم، فضلا عن نقاشات سياسية ثقيلة وعقيمة لا تطاق نهائياً، ومسلسلات تافهة وبرامج لا تنفع. ومن الواضح أن حالات الاكتئاب تكلف الشعوب سنوات أعمارهم وبهذا ينخفض عمر الفرد نتيجة ما يعانيه من الحروب وانعكاساتها ونتائجها على المجتمع، وبالتالي تسرق سنوات عمره في ضيق العيش ومشاكل ما يواجهه من مصاعب ومعاناة يعيشها يوميا تنعكس سلبا على مزاجه الشخصي.لا أشك بهذه الجامعة المحترمة ولكن توصلت الى تفسيرين: الأول وهو الأرجح يمكن أن هذه الجامعة الاسترالية والتي نشرت الدراسة في مجلة plos medicine أخذت عينات من السياسيين والبرلمانيين العراقيين حصراً، وقد قالوا الحقيقة نتيجة سعادتهم برواتبهم الضخمة وبيوتهم الفارهة وسياراتهم الحديثة وأرصدتهم المحفوظة في بنوك عمان والإمارات وسويسرا. والتفسير الثاني وهو الأضعف أن هذه الجامعة أهلية وتشبه كلياتنا الأهلية الكثيرة غير المعترف بها، والتي تقبل الطالب ليس على مستوى حصوله على درجات عالية، لكن تقبله شرط طائفته على سنن مذهبه. |