الأُسود والثعالب |
قامات من الهيبة والبطولة والايمان كانت تجوب المدن والأهوار العراقية إبان حكم ابناء عاهرات العوجة الذين لم يهنئوا بتجبرهم واستهتارهم بوجود أولئك الرجال والنسآء الذين لم تأخذهم في الله والوطن لومة لائم . ورغم أن جرائم البعث وكلابه كانت من اسوء مايمكن ان يحل ببلد او بشعب، لكن وجود الاحرار كان له أثره في ردع الكثير من مقاصل الموت وأنياب العدوان التي كانت مسلطة على ارواحنا في عراق الموت الذي لاينتهي . وبين كل تلك الضُلامات كانت هناك نفوس أبية وطاهرة انقطع رجائها من كل شي في هذا العالم، إلّا من رحمة الله، بعد ان استل الظلم والجور حاميها ومعيلها الذي كانت تحتمي به من قسوة الايام . الأم العراقية التي تفخر بالكرم والإبآء وتعلم اطفالها على كل تلك القيم تجد نفسها بين ليلة وضحاها في وجه كل هذا العالم الذي لايرحم وامام كل ذلك الظلم والجور والعوز وخلفها أيتام لايعرفون معنى الجرائر التي ينسبها العالَم لهم، بعد ان تنصل القريب خوفاً من بطش الحاكم الذي لايرحم، ورغم اني كنت احد تلك القرابين، كنت أيضاً احد الشهود على تلك الأكف الرحيمة التي كانت تستتر بالليل لتمسح بعض الدموع أو لتسكن بعض الوجع،( كنت شاهداً فقط، ولافخر ولامنقبة لي في ذلك ) كنت رسولاً احمل البسمة وبعض الدفئ الى اطفال بعمري لا اعرفهم ولارابط بيننا سوى شراكة هذا الوطن المغتصب، دلني على ابوابهم رجل يحمل في قلبه من حنان علي إبن أبي طالب لكي يرسلني لهم بين الحين والآخر ويدس في جيبي ما أحمله لهم ولم ينسى ان يوصيني بأن اجلس معهم وأرفع من غربتهم وغربتي في وطن لم يسعنا جميعاً . |