الموت الاجتماعي والسياقة في فرنسا

 

يبدو عنوان هذه المقالة غريبا عند قراءته ولكن في الحقيقة ان العلاقة بين الموت الاجتماعي والسياقة هي علاقة  وطيدة وخصوصا عندما يتعلق الامربالمواطنين المتقاعدين الذين تتجا وز أعماهم   65   سنة ، فما بعد هذا العمر تصبح قيادة السيارة أحد أهم أسباب حوادث السير ، تشير الاحصائيات الحديثة الى أن حوادث الطرق تمثل  52 % من أسباب الوفيات ، 49% من الحوادث يقع ضحيتها المسنون ومن هنا يواجههم السؤال الابدي التالي : الى متى يمكنهم قيادة السيارة ؟ .عام بعد عام تزداد نسبتهم ولدي إحالتهم على التقاعد يتركون المدن الكبرى ليعيشوا في قرى او مدن صغيرة هادئة بعيدة عن صخب الحياة على أمل الحصول على السكون ومع ذلك فهم يفضلون الاستقلالية وعدم الاعتماد على احد في تسييرامورهم اليومية  بسبب ضعف العلاقات الاجتماعية التي يعاني منها هؤلاء مع اقربائهم وحتى اولادهم . فالوسيلة الوحيدة لعدم الموت اجتماعيا هى قيادة السيارة للتنقل والقيام بتوفير الاحتياجات اليومية ، ولكن المشكلة انهم يعانون من ضعف في البصر والسمع والذاكرة .. الخ من الامور التي قد تؤدي  بحياتهم او حياة الاخرين لدي قيادة  السيارة ، فغالبا ما يمتلك هؤلاء إجازات سياقة يعود تأريخها الى   50 او 40  عاما مضت ،الامر الذي يعتبر محيرا وذلك ان قواعد المرور قد تغيرت منذ ذلك الوقت والعلامات  والاشارات المرورية ايضا ، فيقع المسن في حيرة من امره في بعض الاحيان ولا يعرف اي قرار يأخذ مما يتسبب في حادث سير . ففي يومنا هذا لايعتبر الاشخاص البالغين من العمر   70   عاما مسنين إلا ان قيادة السيارة تتطلب قدرات فسيولوجية ومعرفية جيدة ، والتي تميل الى الانخفاض عادة بعد   45   عاما ، لكن في فرنسا لا يوجد اي  إشراف طبي ، كما هو الحال في بعض البلدان ، لدي تجديد إجازة السوق لاقرار فيما إذا كان السائق يتمتع بقدرة كاملة على السياقة ، بل يترك هذ ا الامر لكل سائق وعليه تقع المسؤولية  لتقييم  قدراته الذاتيه وطلب المشورة من الطبيب والتوقف عن القيادة في الوقت المناسب ، إن هذا الموضوع هو الشغل الشاغل لفرنسا بعد زواج  المثليين ، وكل هذه الضجة حول هذا الموضوع تعود الى سيدة فرنسية توفي طفلها في حادث سيارة كان يقودها رجل  تجاوز ال   80  سنة ، الأمر الذي ادى بها إلى انشاء جمعية تدعوالى إيقاف المسنين عن القيادة اذا لم يتمتعوا بالقدرة الكاملة ، بل تعدى الامر ذلك الى زيارتها للبرلمان وطرح الموضوع على النواب و بانتظار تشريع قانون يضع حلا وحدا لهذه المشكلة ، اخذت بعض المنظمات على عاتقها توعيتهم وضمهم في صفوف تعلم القيادة والعلامات المرورية كي يتعلموا الرموز والقواعد الحالية للسياقة ، ومن ثم الطلب منهم مراجعة الطبيب لدي الشك في اي امر صحي من شأنه عرقلة القيادة ، واخيرا تنصح هذه المنظمات اولئك المسنين باخذ رأي الاخرين وعدم التعنت لدي اخبارهم ان قابلياتهم الصحية والعقلية لا تسمح لهم بالقيادة  .