ماذا بعد التغيير؟

 

نعيش هذه الايام دوامة التغيير التي تورق الكل بدءاً من الكتل السياسية مروراً بكبار المسؤولين والوزراء وانتهاءاً بالشارع العراقي والمواطن البسيط الذي ينشد التغيير الجوهري في شكل الحكومة الجديدة كونها تمسه بالدرجة الاساس وهو المستفيد او المتضرر الوحيد من كل هذه المتاهة السياسية التي نمر بها والسؤال هنا يكمن في هل ان الكتل السياسية قادرة على استيعاب الغضب الجماهيري وتحقيق مطالبه اما انها غير مستعدة بعد للتنازل عن امتيازاتها والمضي بالإصلاحات الشاملة والضرورية،وهذا هو لب الموضوع باعتقادي البسيط فاذا توافرت تلك الرغبة الحقيقية والاستعداد النفسي عندهم فالتغيير اتي نحو الاحسن بكل تأكيد واذا كان العكس فلا يوجد سوى تدوير في المناصب لا اكثر .

 

ولابد لنا في هذا الموقف ان ننظر بعين التفاؤل والامل عسى ان تجري الرياح بما تشتهي السفن وان ننطلق من مبدأ ان تصل متأخراً افضل من ان لا تصل على ان يكون ذلك التغيير بمستوى طموح الجماهير وان يكون من اجل الاصلاح وتقويم عمل الحكومة،وهذه الاصلاحات ان حدثت من شأنها ان تنهض بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمعيشي والخدماتي للمواطن العراقي بالدرجة الاولى وتوفير الخدمات الاساسية والضرورية التي يحتاجها في حياته اليومية وعلى الحكومة الجديدة في الايام القليلة المقبلة ان تكون خطواتها الاولى بمستوى الطموح في محاربة الفساد والقضاء عليه كونه المطلب الاول والرئيسي وان تكون هذه الاصلاحات شاملة وعلى عدة مستويات منها ترشيق الحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات ومعالجة الترهل في تلك المفاصل وحل الحلقات الزائدة منها وايضاً تقليص الدرجات الخاصة كوكلاء الوزارات والمدراء العامين والمستشارين بل حتى على مستوى تخفيض امتيازات المسؤولين وعدد حماياتهم وانهاء تولي الدرجات الخاصة بالوكالة،وايضاً العمل على تحقيق المطالب التي يجمع عليها الشعب وبالأخص الشباب ووضع الخطط الكفيلة بنجاحها ورسم الاستراتيجيات اللازمة لذلك،ومن اهم تلك المطالب هي توفير فرص عمل للعاطلين في القطاع العام والخاص وتشجيع الشباب على استثمار طاقاتهم الشبابية في المشاريع الخاصة ودعمها من قبل الحكومة،وتفعيل وانعاش مصادر الدخل الحكومي الاخرى كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها وعدم الاعتماد على النفط بشكل مطلق باعتباره مصدر الدخل الوحيد بالإضافة الى توفير الخدمات الاساسية كالكهرباء والماء والمجاري و الخدمات الصحية وغيرها،وحل ازمة السكن التي اصبحت من احدى المشكلات الاساسية للمواطن العراقي،والشروع بالعمل على اصلاح النظام الاداري الفاسد ودعم الموظف النزيه وضمان عدم التأثير عليه واستخدام الواسطة والمحسوبية بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب،كل هذه الخطوات الاصلاحية وغيرها من شأنها ان تضع النقاط على الحروف وتساهم في بناء دولة المؤسسات وان تضع العراق على المسار الصحيح .