هذا العنوان ليس فيه رابط مع مقولة رسول الله محمد بن عبد الله (ص ) حين قال وهو يدخل مكة ( من دخل دار ابي سفيان فهو آمن ) فقصة قول الرسول هذا معروفة وهو مايعزز شموخ الأسلام وعزته وأنتصاره على المشركين .
اليوم ومن خلال هذا العنوان نعيد التذكير بمآسي حقيقية أجتاحت العراق منذ العام 2003 حين قررت أمريكا وعملائها غزو العراق بحجة التحرير من النظام الدكتاتوري السابق . لكنها كانت مرحلة قذرة تركت شرورها على العراق وبكل مفاصل الحياة فيه .
يتذكر الكثير من الناس أن المدة التي أعقبت الغزو الأمريكي كانت تشكل حالة من السكون المشوب بالحذر أِذ بالرغم من قرارات بريمر الجائرة بحل الجيش العراقي وتفكيك الأجهزة الأمنية لكن ستة أشهر أو أكثر بقليل كانت مستقرة خالية من الأنتقام والفعل البشع رغم عدم وجود أدارة عراقية وكان أبناء الشعب وبحكم تعايشهم المنسجم عبر التأريخ . كانوا متحابين بعيدين عن العُقَد . وأتذكر في وقتها كنت أسافر بين بغداد وكركوك ليلاً ونهاراً دون أَن تحدث أية مشكلة .
ومع صدور أول قرارات بريمر والتي تؤسس لأجتثاث مواطنين من مؤسساتهم التي كانوا يعملون بها وقطع رواتبهم ومصادر قوتهم وبالتزامن مع قرار مايسمى بدمج المليشيات والذي سَنَّه بريمر بدأت عمليات القتل الممنهج والأنتقام . فأنتشرت ظاهرة الجثث المجهولة في بغداد وبشكل مريع .
أنطلقت فعاليات بريمر لتأسيس أدارة تسهم في تقسيم العراق وأسس مايسمى بمجلس الحكم لأناس لاهَمَ لهم سوى أن يكونوا مسؤولين وكان حينها مجلس الحكم يدير البلد وينفذ توجيهات المحتل الأمريكي ومن خلال برنامج يجعل كل عضو مجلس حكم رئيساً للعراق لمدة شهر وحسب الحروف الأبجدية . وخلال السنوات التي تلت الأحتلال سعت أمريكا لأنشاء منطقة آمنة لها سشمتها المنطقة الخضراء ضمت اليها أعضاء مجلس الحكم والجمعية الوطنية فيما بعد ومن ثمَ مجلس النواب وأعضائه .
تصورَ العديد من العراقيين أن التغيير الذي أحدثته أمريكا سيساعد العراقيين على بناء بلدهم وتأمين العيش الكريم لهم بشكل أفضل . لكن وقتاً طريلاً لن يمر قبل الكشف عن سياسات كارثية تتبعها الأحزاب التي جائت مع أمريكا والأحزاب التي رعتها أيران . فأنطلقت الطائفية القذرة بفعل سياسات أحزاب أسلامية تدعي أنصاف المظلومين وبدأت عمليا القتل الممنهج لأذكاء الحرب الأهلية وأنتشرت طرق الموت التي كانت كماشة لأصطياد المواطنين الأبرياء وقتلهم وخاصة طريق مايسمى باللطيفية والذي شكل أخطر مواقع القتل للبشر في العراق وكانت أصوات الطائفية واضحة في ذلك الوقت ونسمع أحاديث وشعارات يندى لها الجبين كشعار ( قتلانا في الجنة وقتلاهم خلف السَّدة ) تلك المقولة الشهيرة والتي راح خلفها المئات من الشباب كضحايا لاهم لهم سوى تأمين لقمة العيش فيموتون بدوافع طائفية كادت أن تحرق الأخضر واليابس . . ومع بدايات تأسيس أجهزة الشرطة والجيش وفق النظام الجديد الذي سمح بدمج المليشيات القادمة من أيران وغيرها بدأت مرحلة جديدة من الأنتقام من المواطنين أثناء تنفيذ عمليات المداهمات والأعتقالات العشوائية وتشابه الأسماء التي راح ضحيتها العديد من المواطنين الذين أعتقلوا وقبعوا في السجون لسنوات دون أوامر قبض أو توجيه تهم . وكانت أساليب التعذيب ضد المتهمين واضحة للعيان وقد أشرتها منظمات دولية وحكومية . كما لاننسى العمليات القذرة التي نفذتها القوات الأمريكية ضد المواطنين العراقيين وهي تشيد أكبر السجون والتي أسمتها سجن المطار وسجن كروبر وغيرها من السجون .
أنسحبت القوات الأمريكية وفق أتفاق سمي بالأتفاق الأستراتيجي لكن أنسحاب القوات الأمريكية وتركها للمنطقة الخضراء التي شيدتها قد خلف معاناة أخرى نتيجة لقيام حكومة المالكي بمحاولة التأسيس لدكتاتورية جديدة فزرعت الرعب بين المواطنين وهمشت الكثير منهم وبالنتيجة أشتعلت دوافع الأنتقام من جديد ولم يمر يوماً واحداً دون أن يحدث أنفجار ليحصد أرواح الآلاف من العراقيين نساء ورجال وأطفال . وبالمقابل أنشغلت الأحزاب في تقسيم ثروات البلد بينها ولتتمتع بالخيرات بعيداً عن التفكير في تأمين حقوق الناس ومايحفظ كرامتهم بل على العكس من ذلك أنشأت سجون ومعتقلات سرية وزج العديد من المواطنين لمجرد الشبهة أو بسبب تقرير من مخبر سري ثبت لاحقاً أن اغلب تقاريره كانت كيدية ومزيفة .
وتستمر الرحلة المضنية للشعب العراقي ويستمر معها الأهمال الحكومية والأيغال في قمع الناس بكل الطرق حتى وصلنا اليوم وقد أستنفذت كل موارد البلد نهباً وسلباً بينما الشعب يزداد فقر وجوع تسبب في حالات قتل من اجل السرقة كان آخرها قبل يومين حين قام مجرم بقتل زوجة أخيه وأثنين من أطفالها وثلاثة من اطفار الجيران من أجل السرقة . فضلاً عن عمليات نستمع اليها يومياً بعد شح الموارد المالية والأيام القادمة ستشهد مزيداً من الفقر والجوع والأحتجاجات لكن يبدو أن الحكومة لايعنيها كل مايجري في العراق فهي في مأمن من كل الذي يجري وكأنم لسان حالهم يقول ( من يدخل المنطقة الخضراء فهو آمن ) وليحترق العراق بالكامل طالما أن الأحزاب العميلة وشخصياتها العفنة في مأمن … لله نشكوا ما حل بنا ويوم الظالم بقريب وكل من حكم العراق هو ظالم ولايستحق الأحترام …