اللغة وقواعدها

 

لم يكن العربي ضمن محيطه الجغرافي وبيئته الخاصة ليلحن في الكلام أبداً، فهو قبل أن يؤسس النحاة صيغة الفاعل المرفوع والمفعول به المنصوب واستعمالات كان وأن وواجباتها، كان يعرف على السليقة كيف يتكلم وكيف يصنع الجملة والعبارة على ادق تفاصيلها، وحين انفتح العرب على الاقوام الاخرى شاع اللحن على الالسنة، وكثرت الاخطاء في الكلام مما دعا أبا الاسود الدولي أن يشكو الامر الى الامام علي عليه السلام ووضع خطة للكتابة والتدوين فوافقه الامام على ذلك وقال له (انح هذا النحو) فشاعت عبارة النحو على انها التقويم الاساسي لكتابة الاسماء والافعال والحروف ضماً ونصباً وجراً وتكوين اللبنة الاولى لما عرف لاحقاً بعلم النحو الذي أسس لقواعد اللغة العربية.

ولقد اصبح على النحو لاحقاً علماً قائماً بذاته برع فيه الكثير من النحاة واللغويين حفاظاً على سلامة لغتهم من الضياع مع موجات البشر القادمين من لغات اخرى، او في المواطن التي وصلها الاسلام فوضعت النقاط على الحروف وتفرعت العلوم تفرعات كثيرة ساعدهم على ذلك القرآن خشية من أن يصل اللحن اليه، ذلك أنك لو غيرت حركة بسيطة في جملة ما، فأنك سوف تقلب المعنى المراد الى عكسه تماماً!

ولقد دخلت الى اللغة العربية مفردات وجمل لا أصول لها في الكلام العربي نتيجة التلاقح الحضاري بين الشعوب التي استوطن العرب في أراضيها أيام الفتوحات الاسلامية واستمرت الظاهرة تستفحل وصولاً الى أيامنا هذه التي صارت فيها اللغة العربية مرتعاً لآلاف المفردات الدخيلة التي حاولت مجمعات اللغة العربية أن تضع لها ما يرادفها في العربية فصار التلفون هاتفاً والراديو مذياعاً والباص حافلة أو مركبة ومع كل هذه الجمهور الا ان الالفاظ الدخيلة ظلت تدور على الالسنة وفي كتابات الكتاب فليس هناك من يقول الدراجة الهوائية عوضاً عن البايسكل ولا الدراجة النارية عوضاً عن الماطور! التلاقح بين الحضارات واللغات أمر مطلوب وحضاري شريطة أن لا نقع في تغييب معالم لغتنا الام التي صرنا لا نتحدث بها واستعضنا منها باللهجات الدارجة، فلا يستطيع العراقي أن يفهم لهجة ابن الجزائر مما تضطر بعض القنوات الفضائية لأن تترجم القول الى الفصحى لكي يفهمه المشاهدون.  ورغم انه في كل بلد عربي قانون سلامة اللغة العربية، الا انه لم يزل الامر ملتبساً وبحاجة الى دراسة واعية متخصصة!