الفتوة

 

فلم (الفتوة) يعد احد اهم علامات وكلاسيكيات السينما المصرية والمُنتج عام 1957. كتب قصته بطله (فريد شوقي) وكتب السيناريو الاديب العالمي العملاق (نجيب محفوظ) واخرجه المخرج الكبير (صلاح ابو سيف). اليكم حكاية الفلم او (الحدوتة) :

 

يَقدِم هريدي الصعيدي (فريد شوقي) لسوق الخضار في القاهرة مُعدما حافيا رثّ الثياب باحثا عن الرزق. حال وصوله يُستقبل بصفعة مدوية على قفاه !!. تتعاطف معه التاجرة (المَعلّمة) حسنية (تحية كاريوكا) وتطيّب خاطره. يجد اول عمل بإنتظاره هو جرّ عربة الخضار بدل الحمار المريض الراقد في (الشفخانة) اي مشفى الحمير !!. بعد أنْ يمنَّ الله بالشفاء العاجل على الحمار يعود لعمله بجرّ العربة الذي كان هريدي قد حلّ محله فيه وسدَّ مسدّه !!. يلحظ هريدي بأنَّ من يملك السوق ويحتكره هو (المَعلّم) ابو زيد (زكي رستم) فهو المتحكم الوحيد في السوق والرزق والمال.. والرجال !!. بعد إشتغاله بعدة اعمال متواضعة يستطيع الظفر بفرصة عمل عند التاجر الكبير ابو زيد بمساعدة من حسنية. يتقرب منه ليعرف كل اسراره وخباياه وخفاياه وطرقه الملتوية اللاشرعية للإستحواذ على مزادات السوق بالرِشا وبالإستعانة بذوي السلطة والنفوذ كثريا هانم (ميمي شكيب) والباشا المتنفّذ. حالما تسنح له الفرصة يتركه ويتزوج من حسنية اول من تعاطفت معه واحبته لذاته رغم وضاعة حاله وماله. يُمسي من كبار التجار بمساعدة من زوجته ومنافسي وغرماء ابو زيد الذين اعانوه وساندوه نكاية بالاخير لما عانوه على يديه من ظلم وطغيان وتجبر ولطالما حاولوا سابقا جاهدين مجهدين كسر احتكاره للسوق دون جدوى. يدبر هريدي مكيدة في الخفاء لغريمه فيبلّغ عنه بتهمة التهرب الضريبي فيساق الى السجن. تخلو الساحة والسوق لهريدي وسرعان ما ينقلب لوحش كاسر طاغٍ اكثر ظلماً وطغياناً وتجبُّر من سلفه فيسوم الآخرين ـ وأولهم من ساعدوه ـ سوء العذاب. كان اول شيء فعله هو عضّه اليد التي امتدت له بالإحسان والحنان, ولا غرابة في ذلك فالصغير إنسانيا وإخلاقيا وقيميّا يبقى صغيرا رغما عنه !!. يبات هو اليوم المتحكم في السوق والرزق والمال.. والرجال. يخرج ابو زيد من السجن فتدور بينهما ورجالهما معركة حامية للاستحواذ على احدى المزادات الكبيرة تنتهي بمقتل ابو زيد وإفلاس هريدي ورجوعه كما كان.. وكما جاء للسوق اول مرة ذليلا كسيرا حسيرا… حافيا !!.  في مشهد الختام ينتهي الفلم بنهاية غاية في البلاغة والروعة بما تسمى النهاية الدائرية فتنتهي الاحداث من حيث إبتدأت. فكما في المشهد الاول يَقدِم وافد صعيدي جديد للسوق (محمود المليجي) معدما حافيا رثّ الثياب باحثا عن الرزق. حال وصوله يُستقبل بصفعة مدوية على قفاه. تتعاطف معه هذه المرة التاجرة (المَعلّمة) هدى سلطان وتُطيّب من خاطره… وينتهي الفلم !!.

 

ما الذي اراد صنّاع الفلم قوله وإيصالهم من رسالة وخصوصا عبر النهاية الذكية اللمّاحة ؟!!. ارادوا القول بأنْ سيبقى الوضع على ما هو عليه من ظلم وطغيان وفساد وباطل ما دام النظام (السِستِم) الذي يحكم السوق هو الآخر نظام ظالم وباطل وفاسد والقائم على الإحتكار والإستغلال باقٍ دون اي تغيير !!. قطعا سيُنتج ويُفرز لنا بدوره الف ابو زيد طاغٍ فاسد.. وألف هريدي من بعده.. وألف وافد جديد مهما ضَؤلَ وصَغُر طالما ارتبطت النتائج بالاسباب, وخواتيم الامور بمقدماتها. وما الذي اردنا قوله بدورنا ؟!!.