إن كان المالكي صادقاً ولا يكشف ملفات القتلة فتلك مصيبة, وإن كان كاذباً فالمصيبة أعظم؟ |
ستون عاماً ونيف وأنا أمارس السياسة في العراق وخارجه ولم أشهد على امتداد هذه الفترة رجلاً يماثل في شخصيته كالذي يتولى اليوم رئاسة مجلس وزراء العراق. لا يمكن أن يكون هذا الرجل طبيعياً بأي حال. ولكن السؤال الذي يدور بالبال هو: كم عدد العلل التي يعاني منها هذا الرجل وما هي بالتحديد على ضوء تجليات عواقبها وانعكاساتها السيئة على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي العراقي؟ وهل لمثل هذه العلل من علاج يمكن أن ينقذ الرجل من علله, وبالتالي ينقذ الشعب من عواقب تلك العلل؟ لو كان الرجل في موقع غير موقعه الراهن لهان الأمر, ولكن أن يكون رئيساً لمجلس وزراء في بلد يعاني أصلاً من علل كثيرة فهي الكارثة بعينها. من غير المعقول أن يظهر رئيس الوزراء على شاشة تلفزيون العراقية, إذ أصبحت الفضائية ملكاً صرفا له وليس لغيره, ويقول بأن التحالف الوطني منعه من الذهاب إلى مجلس النواب لأن العاقبة ستكون وخيمة وستكون البوكسات, وربما يكون "ضرب المدس ماله والي", على حد قول المشاهدة النجفيين, كما حصل في طهران منذ سنوات العقد التاسع والأخير من القرن العشرين وبعده بين قوى الإسلام السياسي العراقية. لا يريد أن يذهب إلى مجلس النواب لأنه يمتلك ملفات لـ 13 إرهابياً هم أعضاء في مجلس النواب ويمتلك ملفات لوزراء ونواب متهمون بالإرهاب, ولكنه لا يريد أن يكشف عنها لأنها تخرب العملية السياسية, وكأن هناك اليوم عملية سياسية بالعراق, ويتركها تقتل بالشعب العراقي وتزيد من خراب البيوت. فهل مثل هذا الرجل يشعر بالمسؤولية إزاء شعبه ووطنه, أم إنه يشارك بالجريمة التي ترتكب على حد قوله! لقد كان صدام حسين مصاباً بثلاث علل على الأقل تحدث عنها الكثيرون ومنهم داعيكم كاتب هذا المقال, وهي جنون العظمة والنرجسية والسادية في آن واحد. وجعلته هذه العلل يقول في يومٍ من الأيام "جئنا لنبقى", وكان ما كان! كل علة من هذه العلل كانت كافية لسبي العراقيات والعراقيين ودفعهم إلى كوارث لا حصر لها. وهذا ما حصل فعلاً. والسؤال الذي يواجهنا اليوم هو: هل يواجه الشعب العراقي شخصاً كذلك الذي خرب بيت العراقيين ودفع بمئات الألوف منهم إلى الموت والجوع والحرمان والهجرة وسمح لمن يماثله في الوصول إلى السلطة؟ عشق السلطة, مع غياب الإمكانية والحكمة ورجاحة العقل والدم البارد وغياب العاطفة, يقود إلى خراب بيوت العراقيات والعراقيين, وهذا ما يعيشه المجتمع هذه الأيام ومنذ سنوات. يقول خبراء فض الصراعات والنزاعات إن من يخلق أزمة لا يمكنه حلها. والمالكي خالق للأزمات, فهل في مقدوره حل حتى واحدة من تلك الأزمات المتفاقمة والمركبة والمعقدة؟ كل الدلائل لا تشير إلى قدرته على ذلك. فما أن بدأ وفد من التحالف الوطني يبحث في أربيل سبل معالجة المشكلات حتى صرح بما يجعل زيارة الوفد لا معنى لها, إنه يحاول تخريب الحلول السلمية لكي تنتهي الانتخابات ويرى كيف يعمل لاحقاً للتهيئة وبصورة أكثر تخريباً للانتخابات العامة القادمة. الشعب العراقي أمام معضلة كبيرة والولايات المتحدة الأمريكية لعبت لعبتها القذرة حين قررت أن يسود في العراق نظام طائفي وأثني يستند إلى مبدأ ضرب المواطنة الحرة والمتساوية والأخذ بالمحاصصة الطائفية اللعينة وتركت العراق يغوص بشعبه في وحل مشكلات أكثر تعقيداً وعمقاً واتساعاً, فما الحل؟ الحل بيد الشعب ذاته, فهل الشعب في وضع يساعده على حل هذه المعضلة العويصة, مشكلة وجود رجل يعيش علله وتعود انعكاساتها وعواقبها على الشعب الذي عاش البؤس والحرمان والموت وعانى منها لعقود عدة, ويدفع بسياساته وسلوكه إى حافة الكارثة وتوسع في قواعد الإرهابيين وتحالفاتهم وعواقبها الأوخم على المجتمع. متى سيرفع الشعب صوته محذراً منذراً بما ينتظر البلاد والعباد من جراء السياسات الراهنة لرئيس مجلس الوزراء والتي تجد ردود فعل لدى الأطراف الأخرى أكثر حدة مما يزيد في الطين بلة؟ ليس لنا إلا أن نرفع أصواتنا إلى هذا الشعب ليقول يوماً كلمته لمن قال "أخذناها بعد ما ننطيها!", وكأن العراق أصبح ملك أبيه أو ملك حزبه. إن استمرار هذا الرجل وحزبه في الحكم وعلى رأس الدولة يعتبران البديل "للقائد الضرورة وحزبه" في العراق الجديد القديم وستكون الطامة الكبرى على العراق والعراقيين وعلى المنطقة بأسرها. |