السلطة تتظاهر ثانية ...الشعب أوف لاين !!

" في الوحدة أصنع أشياء جميلة ..كأن أعيد صياغة الفراغ ليليق بفوضى المشاعر.." عبارة جميلة إستوقفتني كثيرا فور أن جادت بها قريحة الإعلامية المبدعة ومقدمة البرامج  المعروفة " اسماء الحاج" ...لم يقف اعجابي  عند هذا الحد،  بل تعداه الى ان طلبت منها ، لطفا لا أمرا ، استعارة عبارتها  المتخطية لحواجز الزمكان على حد تعبير – الرفيق آينشتاين -  ، لأسقطها على الواقع العراقي الراهن  ،  ذلكم الواقع المرير مدلهم الخطوب ، الواقع المحير ظلامي  الدروب ، الواقع السمج محطم العذارى والقلوب   ، اذ انا بحاجة حقيقية الى  افراغ مشاعري  السابقة بـ " شفت ودليت " ليتسنى لي إستقبال أخرى أكثر جنوحا،  تتابع  كحبات مسبحة انفرط عقدها على حين غفلة  بيد  " ذباح يقطع  ألف راس وسبحته ألفية " على حد وصف البغادة  .اليابانيون او الشعب الكومبيوتر كما يطلق عليه ، لخصوا نظرية الحكم منذ زمن بعيد بحكمة خلاصتها " من سرق ذهبا أودع سجنا، من سرق بلدا بويع ملكا" ولعل النظرية اليابانية باتت تتفاعل عراقيا مع الفارق بطبيعة الحال ، فبعد تظاهرات الـ " شلع قلع"  التي قادها تيار  فاعل  في السلطة الحاكمة ،  له " عدد من الوزراء + عدد من المحافظين + وكلاء وزارات + مدراء او مديرون عامون  + عشرات المستشارين = السلطة بأبهى صورها ،لتنتهي تظاهراته  كما هو متوقع  فجأة وبدلا من تحقيق مطالب الجماهير الملحة او بعضها على أقل تقدير ، الى تشكيلة وزارية انسحب نصفها من الترشيح حتى الآن فيما رفض نصفها الآخر جهارا نهارا تحت  قبة البرلمان  ، في خضم تلك المأساة التي تصدق فيها الحكمة البولونية " يموت الفلاح من الجوع، ويموت الإقطاعي من الشبع"،  قرر جناح آخر على جانب من الأهمية في سدة  السلطة ، اقوى من سابقه واعني به " المجلس الأعلى " ، الخروج بتظاهرات مليونيه اسوة بنده الصدري ، يوم الجمعة، لتأييد المبادرة التي وصفها بالإصلاحية والتي تقدم بها الى رئاسة الوزراء في 14 محافظة عراقية !!  شنو السالفة ، اشو السلطة كامت تتظاهر ضد السلطة والشعب نايم للضحى ويتفاخر.. ناموا ولا تستيقظوا ما فاز الى النوم خخخخخخخ ؟!ساسة العراق ممن تلاحقهم ملفات الفساد في مشارق الأرض ومغاربها – بنما ليكس ، أونا أويل، مصرف الوركاء ،وآخرها ،  موسكو ليكس ،   بعدما قدمت أجهزة المخابرات الروسية، الخميس، وثائق جديدة بأسماء مسؤولين عراقيين متورطين بفضائح عقود النفط -  يصدق فيهم  ما قاله  الأديب الايرلندي الساخر  برناردشو " كانت الانسانية لتكون سعيدة منذ زمن لو أن الرجال استخدموا عبقريتهم في عدم ارتكاب الحماقات بدلا  من  أن  ينشغلوا بإصلاح حماقات ارتكبوها  سابقا " ، فالحماقات العراقية  اليوم باتت تتناسل بعضها من بعض لتلد أجنة مشوهة وكذلك التظاهرات – صراخ على الفاضي -  فلا هي حلت مشكلة ولا بددت مأساة ولا كشفت سارقا ولا أقامت معوجا ، ولا أحقت حقا ولا أبطلت باطلا ،ولاطردت محتلا ، ولا دحرت غاصبا ، ولا أطلقت معتقلا ، ولا أعادت نازحا ، ولا أطعمت جائعا ،  حشود  مليونية  تتظاهر من أجل سادتها  وكبرائها وليس من أجل مطالبها  وكرامتها  ولن يفلح متظاهر قط  " ودع البزون ..شحمه ".وأضيف  انه ومذ  إنحراف  التظاهرات الشعبية  عن مسارها  السلمي  الطبيعي الحر- وقد حذرت من  ذلك مرارا -  وأخذت تقفز على التطورات  التقليدية  للمسارات الوطنية الغاضبة  بطرق متسامية  خلال فترة قياسية من  الوقفة الاحتجاجية الى التجمع الى التظاهر الى الاعتصام مع زيادة  سقف مطالبها بوتيرة متشنجة  وغامضة تلمس فيها أهواء ومصالح  حزبية وشخصية  وإقليمية  تارة واملاءات سياسية تارة أخرى ،  فضلا عن تمجيد أناس من المفترض ان الجموع تتظاهر ضد من يمثلونهم من الفاسدين في الحكومة  وبدلا من تمجيدهم كان بالإمكان مطالبة – الممجدين-  بفتح الجيم  بعزل من يمثلونهم من الفاسدين وإحالتهم الى المحاكم  لا إخفائهم واحالتهم الى محاكم خاصة بهم  لأن ذلك بمثابة تأمين غطاء لهم لا محاسبتهم  وفضحهم علنا   ،  ما أربك المفاوضين والمتظاهرين  وتنسيقياتهم   على حد سواء فيما كان شعار جناح منهم " اطلب المستحيل ، تحصل على الممكن "  اضافة الى تباين  الشعارات المرفوعة  وتناقضها  بين  طائفي وقومي   ويساري وإصلاحي بخلاف ما كانت عليه إبتداء يوم كانت تنادي بالأصلاح فقط لاغير  ،لتنتهي بحكومة التكنوقراط المغلفة – وهي طعم في واقع الحال – لجس النبض وكسب الوقت  وإلهاء الشارع وصولا الى اقامة انتخابات مبكرة ستعيد – ريمة الى عادتها القديمة – وهلم جرا ،  اقول مذ ان حدث ذلك وانا على يقين تام  بأن  احزابا  متنفذة في السلطة ستتظاهر ضد بعضها بعضا لإثبات وجودها واستعراض جماهيرها وارهاب خصومها  والبرهنة إعلاميا  في نهاية المطاف على ان الغلبة للأغلبية السياسية في حال اتحادها وليس للديمقراطية - على افتراض وجود ديمقراطية في العراق - وهذا ما سيحصل واقعا ، اما عن المطالب – فتعيش و تاكل غيرها ، غيرك كان أشطر – وكما قالت اسماء الحاج " تجتمع الأنا والـ هذه والـ تلك فلا أشعر بوحشة  الأسماء" بعد تحولها الى وحش واحد سيبتلع بقية الوحوش او يحيدها ان عاجلا ام آجلا  .أودعناكم اغاتي