سرت بمركبتي المتواضعة ذات يوم مع أسرتي في شوارع العاصمة بغداد وسط ركام الخراب والفقر والحرمان ، فضلاً عن ألاختناقات المرورية القاتلة ، وعلى وجهي علامات الخوف والحيرة والألم نتيجة الأمن المفقود والعوز الحاد وطلبات الصغار التي لا تنتهي.
والأمر من هذا كله هو أسئلتهم التي لم تنقطع طوال الرحلة ، فلم البث هنيهة إلا وسألني أحدهم ما هذه السيارات الفارهة والمسرعة والتي غالباً ما تسير عكس السير؟ فقلت لهم أنها للمسؤلين ، فقالوا يعني أهل القانون ، فقلت : نعم ، فقالوا وهل يطبق القانون بهذا الشكل ، وهل لهم الحق في السير عكس الاتجاه الطبيعي ! ثم على حد علمنا أن الكبار حينما يخطئوا لا نعتقد لهم الحق والقدرة على محاسبة غيرهم ،، وسألوني مرة ثانية لمن هذه القصور الكبيرة ؟ فقلت لهم لرجال الدولة ، فقالوا أي حياة هذه التي فيها الراعي يسكن القصور والرعية تسكن القبور أين العدالة من هذا وأين ثمار التغيير الذي طالما نسمع عنه ، هل هذا هو مفهوم الحرية والديمقراطية ! . ولم يكتفوا بهذا المقدار بل انهالوا بالأسئلة لمن ولمن الخ... وجوابي كالعادة للمسؤلين ورجال الحكومة،، فعندها توجهوا دفعة واحدة بالسؤال أو كل هذا لهم ؟ فقلت : نعم ، فقالوا إذاً ما الذي أبقوه لنا ؟ فأجبتهم بحسرة : لا شيء لأنهم اخذوا (الجمل بما حمل) ، عندها ازداد الم جراحاتهم وتضجوروا كثيراً من ما شاهدوه ولمسوه بأم أعينهم من مفارقات شاسعة وخيالية في مستوى الحالة المعيشية والخدمية والترفيهية ما بين الطبقة (السياسية) وعامة الناس المساكين ، عندها قالوا : أذن عندهم كل شيء ، فمن أين لهم هذا ؟ ومن أتى بهم إلى موقع المسؤولية ؟ فقلت : نحن ، قالوا وكيف : قلت : عن طريق الانتخابات ، فقالوا : عجيب !! ولماذا أتيتم بهم ألا يوجد غيرهم وهل ستعيدونهم مرة ثانية ؟ عندها تحيرت بماذا أجيب طبعاً لا بد من الانتخابات لأنها الطريق الأمثل للتداول السلمي للسلطة ، فسألتهم انتم ماذا تقولون : قالوا : أما هؤلاء فلا وألف لا لعودتهم من جديد ، فسألتهم ماذا علينا ان نفعل أذن ، قالوا: أن تبحثوا عن العكس منهم تماماً بحيث تستبعدوا كل شخص ثبتت تجربته الفاشلة خصوصاً من لديه زمام الأمور ومقاليد السلطة حالياً ، لكي لا نضطر للعيش مع سارقي البسمة من شفاهنا . وفي الختام عبرة وسلام والغد قريب ويوم العدل على الظالم ..أشد من يوم الجور على المظلوم .