قراءة لبعض جوانب اشكالية اللجوء الى اوروبا ؟


اعتقد ان الدول الاوربية لم تعر موضوع اللاجئيين اهتماما فى البداية كونها كان تظن ان الامر يقتصر على بضعة عشرات الالوف .لكنها مع الوقت بدات تدرك ان الموضوع اكبر من هذا .و باستثاء ميركيل التى بدت متحمسة, لم تكن الدول الاوربية متحمسة لاستقبال لاجئيين .لكن صورة الطفل السورى الملقى على شاطىء البحر غيرت الصورة تماما الامر الذى خلق نوعا من الشعور بالذنب فى اوروبا حيال هذا الموضوع.لكن مع التدفق الذى يجرى بلا انقطاع بدت الدول الاوروبية تتخبط حيال هذه المشكلة .

دول اوروبا الشرقية الممر الاجبارى لللاجئيين من سوريين و عراقيين و افغان كانت الاكثر تشددا لكونها دولا ديموقراطية حديثة و لا يوجد فيها منظمات حقوق انسان او سواها لكى تضغط عليها . و من ناحية اخرى لم يكن اللاجئيين مهتمين اصلا ان يستقروا فى اوروبا الشرقيه التى تفتقر الى منظومة مساعدات كما هى الحال فى دول الشمال الاوروبى.ففى بلغاريا على سبيل المثال اعطى اللاجئون اقامات لكن لم يبق احد منهم فى تلك البلاد ,و اكملوا سيرهم باتجاه دول الشمال الغنية .

لقد بدا واضحا ان كل دولة صارت تتهرب من استقبال لاجئيين لان اللاجئين و الغالبية الساحقة منهم مسلمون جعل الامر يختلط بالارهاب خاصة فى ظل اشاعات ان هناك من كان منهم منخرطا فى منظمات ارهابية اسلاموية.

و هناك دول اعلنت صراحة انها لن تستقبل سوى لاجئيين مسيحيين من الشرق الاوسط مثل بولندا و تشيكيا و لم يستقبل سوى بضعة مئات من العائلات و اول امس قررت تشيكيا طرد 11عراقيا مسيحيا لانهم حسب البيان التشكيكى اساوؤا الكرم الحكومى .

النروج استقبلت حوالى 30 الف لاجىء و هى ايضا تعمل على مساعدة اللاجئيين فى لبنان و الاردن و تركيا و هى فى راى خطوة استباقيه لكى لا ياتوا الى اوروبا . و الحقيقة ان الراى العام الاوروبى صار متشككا كثيرا فى موضوع استقبال لاجئيين و استطلاعات الراى فى هذا الخصوص تشير بوضوح الى ازدياد الرفض الشعبى لاستقبال لاجئيين.

و قد استفاد من هذا الامر الاحزاب اليمينة المعارضة لاستقبال لاجئيين .فعلى سبيل المثال صار الحزب الديموقراطى فى السويد و هو حزب يمينى معاد لاستقبال لاجئيين الحزب الثالث فى البلاد.و الراى المنتشر الان فى اوروبا ان على الدول مساعدتهم فى بلادهم لكن كيف لا احد يعرف بالضبط!
السويد كانت الدولة الاكثر كرما فى موضوع اللاجئين و كانت تاريخيا و بحق توصف بانها جنة اللاجئيين فى اوروبا .فهى تعامل اللاجىء الحديث العهد على قدم المساواة مع المواطن , و يتمتع اللاجىء بكل انواع الرعاية التى يتمتع بها المواطن السويدى .و بالفعل قدم الى السويد فى السابق الالاف من الايرانيين و التشيليين و الاكراد و الفلسطينيين و اليونانيين و اللبنانيين و يوغوسلافيا و السريان السوريين و كوزوفو و البانيا الخ .لكن السويد بدات تعانى من مشاكل عدة اذ لا يوجد سكن لهذه الاعداد الكبيرة .كما ان السلطات السويدية بدات تقلق من انتشار الفكرالاصولى الارهابى بين اللاجئيين .مثلما هناك قلق ان هؤلاء لن يندمجوا فى الجتمع السويدى لاسباب ثقافية الامرالذى قد يؤدى لمشاكل ارهاب كما حصل فى بروكسل عندما اقدم شباب بلجيك من خلفية مهاجرين مغاربة على ارتكاب اعمال ارهاب راح ضحيتها العشرات . 
فى موجة اللجوء الحالية استقبلت السويد ما تعداده 51 الف سورى و 41 الف افغانى و 20 الف عراقى هذا عدا عن الالاف من ايران و الصومال و ارتيريا حيث بلغ المجموع 163 الف لاجىء .

لكن المشكلة ان تدفق الاجئيين مستمر بلا توقف حتى ان احد المسوؤلين فى مراكز استقبال اللاجئيين فى اوسلو قال لى انهم فوجئوا بمدى معرفة اللاجئيين للقوانين خاصة تلك التى فيها امتيازات مادية لهم .
و حسب قوله الفارق بين اللاجئيين فى السابق و الان ,ان الاجىء اليوم ياتى و يختار البلد التى يريد الذهاب اليها انطلاقا من معلومات اكيدة ممن سبقوه اما فى السابق فقد كان ياتى على باب الله! . انه عصر الفايبر و هم يعرفون تفاصيل اكثر منا نحن الذين نعمل هنا, قال و هو يبتسم !

السؤال الاكبر فى اوروبا متى يتم وقف سيل اللاجئيين؟ .لا احد فى اوربا كما يبدو لى يعرف الاجابة على هذا السؤال . لقد قامت اوروبا برشوة تركيا عبر اتفاقات تمنح الاتراك امتيازات التنقل بحرية فى اوروبا من اجل تمنع تركيا تدفق اللاجئيين . لكن الحروب مستمرة و الفقر ينتشر فى العالم و هاجس اوروبا الاكبر ان لا تتحول الى ساحة صراعات فى المستقبل. اما النسبة الاكبر من اللاجئين فهم من ذوى التعليم المحدود .و هناك شكوك كبيرة فى اوروبا بقدرة الاغلبية منهم الاندماج فى هذه المجتمعات الامر الذى قد يجعل منهم بيئة حاضنة للفكر الديني المتطرف .و قلق من ان هذا الامر قد يؤدى الى هزات اجتماعية فى المرحلة المقبله.
على اية حال اذا كان هذا السؤال الاكبر فى اوروبا هو متى يتوقف تدفق اللاجئيين, فان السؤال المقابل متى تتوقف الحروب فى بلادنا و غير بلادنا لكى لا يضطر الناس الى مغادرة اوطانهم.