القدوة والإقتداء |
لم يترك أي مذهب أخلاقي أو دين منذ الأف السنين تأكيد أهمية القدوة في التعليم والتربية والتوجيه والقيادة في المجتمع . وكانت جميع الأديان السماوية تدعو إلى الاقتداء بالكبار والصالحين والموجهين، لان تطوير الفرد وعقل المرء ونفسية البشر في الوطن، ترتكز أولا على حسن أداء القادة وحسن التزام التابعين والمهتدين من ملايين الناس وجاء الاقتداء في علم النفس المعاصر، اكد أهمية القيادة والاقتداء مما لا يعتبر ابتكارا منه، لولا انه أضاف إلى الحقائق القديمة تحليلا وتفسيرا لعملية الاقتداء. فعلم النفس الحديث ادن لم يأت بشيء جديد عدا اجتهادات في كيفية حدوث العمليات في العقل والضمير ومثال ذلك : ان الطفل المولود حديثا مشحون بغرائز الحياة العديدة، التي تصطدم بواقع القاسي الصلب فيتعلم الطفل تدريجيا وينضج ليعرف الخير والشر والممنوع والمسموح وهو جزء من الشخصية الذي اطلق عليه (الانا) هو من خلال ما تقدم ، وباتصال الإنسان بالمجتمع يتلقن تدريجيا المعاني السامية الخالدة والمثل والتقاليد والعادات والنظم والشرائع. فيتكون لهذا الإنسان من الشخصية الذي اطلق عليها احد العلماء (الأنا الاعلى) وهي التي تمثل ضمير المرء ومثله وطموحاته. فالطفل ياخذ بخلائق والديه ويحذو حذوهم ويقتبس منهم ليعيد ما أخذه بشكل أفعال مشابهة وكثيراً ما يقلد والديه ولايضاح عملية الاقتداء .. يكتسب الإنسان بعض العادات –أو قل اغلبها عن طريق التكرار ورؤية مشاهد ودخول تجارب حياته تجعله يفهم العادة الجيدة المقبولة من العادة السيئة أو المكروهة-فتنطبع في دماغه تلك العادات التي تلقي الترحيب والتاييد من الآخرين في المجتمع. ومعنى ذلك ان الأبوين والأساتذة الكبار يعلمون الجيل الجديد السبل التي يرغبونها هم، فيغرسون العادات والمثل التي تناسبهم وبذلك تتم عملية غير مباشرة من الاقتداء التدريجي. ولهذا .. نجد إن التقليد والمحاكاة هي من أمراض العصر .. ومن هذا المنطلق نرى وندرك نبل وعمق النداء الذي توجهه القيادة التربوية الحكيمة الى الجيل الجديد(الناشئ) حول الاهتمام بالتراث والأصالة والأبداع والاستقلالية والشخصية والعزيمة.. ومن هذا المنطلق وهذه النظرة الشمولية يجب ان نؤمن كل الأيمان أبعاد الناشئ ومكافحة التقليد والوقوف بوجه التخريب الأخلاقي والثقافي لجيل وطننا المفدى. |