العراقيون والشرف الرفيع

عن وثيقة الشرف التي وقعها من لاشرف له..
وثيقة الشرف التي وقعتها الرئاسات الثلاث و بعض قادة الكتل السياسية، امتنع البعض الاخر من الرؤوساء عن توقيعها، وكان الشرف دافعا لتوقيع من وقعها وايضا كان الشرف سببا لامتناع من امتنع عن ذلك، وبات علينا نحن العراقيين ان نجد تفسيرا لشرف هؤلاء واولئك!!
علينا كعراقيين اليوم ان نفهم شرف من وقع على الوثيقة قبل ان نتعمق في شرف من امتنع، فهولاء شرفاء واولئك شرفاء.. اما نحن العراقيون البسطاء الفقراء ، مهجرون ومهاجرون، عاطلون عن العمل ومعطلون، راشون ومرتشون، طلاب ومعلمون، اطباء ومهندسون ، موظفون ومراجعون، جزارون ومذبوحون، جميعا نفتقد لشرفهم وعلينا جميعا ان نوقع بعد الصلاة الجمعة القادم وثيقة شعبية للشرف الرفيع مماثلة لما وقعه اولئك الشرفاء بمناسبة الذكرى الثالثة عشر لفض واستباحة عذرية العراق ..
شرف الذين وقعوا على الوثيقة واضح وجلي كراية مرفوعة على سارية العهر والسمسرة في الميدان ايام زمان، فمن يوقع وثيقة شرف في اي مكان وزمان، انما يؤكد ان ما ينقصه منذ بدء زمن العهر والاستباحة والاغتصاب هو الشرف، وان مايوقعون عليه هو عهد لاستعادته، وكلهم يعلم ان شرفهم كان قد سلب منهم في فنادق لندن وطهران ودمشق، وبعضهم اضاعه في حقائب المسافرين في مطارات طهران وعمان وبيروت واسطنبول، والفرد دائما يبحث عما ينقصه..
وشرف الذين امتنعوا واضح وجلي أيضا ، ففاقد الشيء لايعطيه، فبعد ثلاثة عشر عاما من العهر والخيانة والفساد، لم يعد بامكانهم الحديث عن الشرف، وهذا شرف في الموقف وليس موقفا في الشرف، وعلينا كعراقيين مخلصين وخونة ان نتخذ من شرف الموقف عنوانا ليومياتنا، فليس من المهم لدى رؤساؤنا الشرف بقدر ما يمهم الموقف..
الذين وقعوا على الوثيقة شرفاء في عهرهم فهم يبحثون عما ينقصهم، والذين لم يوقعوا شرفاء في موقفهم فهم يعلمون ان لاشرف لهم.. اما نحن العراقيون، فمازلنا نبرر الشرف، مثل غانية تبرر لنفسها فتح ساقيها من اجل لقمة خبز..
الذين وقعوا على وثيقة الشرف هم مجموعة على بابا حين تعاهدوا على تقسيم الغنائم بالتساوي، والذين لم يوقعوا هم في الحقيقة على بابا الذي يطالب بالحصة الاكبر، ونحن العراقيون دكاكين مشرعة تبحث عن اقفال لامفاتيح لها..
الذين وقعوا على وثيقة الشرف باعوا كل شيء، باعوا الشرف اولا ومن ثم الكرامة والرجولة، ولكنهم اليوم ندموا فتعاهدوا بعد ثلاثة عشر عاما من خيانة بعضهم لبعض وتآمر وانقلاب بعضهم على بعض على الهدوء والاستكانة واعادة شراء الشرف والرجولة، ونحن العراقيون مطلوب منا ان نعيرهم شرفنا ورجولتنا، وان نصفق لهم ونتظاهر دعما لهم، وسيكون موعدنا باذن الله بعد صلاة الجمعة القادمة..
والذين لم يوقعوا، باعوا كل شيء ايضا، باعوا شرفهم منذ زمن بعيد، وفض الاغراب عذريتهم منذ زمن بعيد ايضا، وخانوا بعضهم وانقلبوا على بعضهم، ولكنهم اليوم اتحدوا بموقف شريف للابتعاد عن
الشرف، فمن لاشرف له لاعهد له، ونحن العراقيون علينا ان نتشرف بموقفهم وان نصفق ونتظاهر دعما لهم ، وسيكون موعدنا باذن الله بعد صلاة الجمعة القادم..
الذين وقعوا على وثيقة الشرف، سفكوا دماءنا، وهجروا ابناءنا، واستباحوا حرماتنا، وخانوا بلدنا، وسرقوا ثرواتنا، وباعوا نفطنا، واختطفوا واعتقلوا وسلبوا عقولنا ويتموا اولادنا ورملوا نساءنا، ولكنهم اليوم تعاهدوا على ان يتقاسموا ماتبقى منا وهو القليل، ولكن ليتقاسموه بالتساوي وبشرف...
والذين لم يوقعوا، افسدوا وعاثوا وخانوا وفجروا ولكنهم اليوم تعاهدوا على ان يكون موقفهم شريفا فيما بينهم ضد الشرف، فليس من الشرف ان يخون لص لصا اخر، ونحن العراقيون علينا ان نحيي موقف اللصوص والعملاء وموقفهم الشريف هذا ونتظاهر دعما لهم، وموعدنا باذن الله بعد صلاة الجمعة القادم..
اما نحن العراقيون المغيبون، لن ولم نوقع على وثيقة شرف، فنحن لاينقصنا الشرف بعد، ولن نتخلى عنه ابدا، نحن ينقصنا الكثير، كرامتنا التي سلبت بعد ان سلب الوطن والثروات والصحة والامان والحاضر والمستقبل ، ينقصنا الخبز والعدل، وينقصنا الايمان بقدراتنا وبوجودنا وبحريتنا، ينقصنا الايمان بالله اصلا وبحقنا في الحياة الحرة الكريمة، ينقصنا الكثير مما لاتملكوه اساسا ايها الموقعين وغير الموقعين على وثيقة الشرف، ولكننا مازلنا نتمسك باخر خيوط وجودنا وهو الشرف الذي اضعتموه في جهادكم من اجل اهانة وايذاء شعب اراد معانقة الثريا ولكنكم اردتموه اجسادا تحت الثرى..
نحن العراقيون نعلم ان شرف الحكيم والشهرستاني وملصوم والعامري والعبادي والمالكي والنجيفي وعلاوي ومن على شاكلتهم، عرض مرارا في سوق النخاسة ببغداد وطهران ودمشق والرياض وعمان دون مناقصة ودون مزاد ودون رشوة، ولكن صدقونا ايها الرؤوساء، لا احد يشتري سترا مهتوكا، فوقعوا سادتي ماشئتم على وثائق واوراق الشرف المزيف، فليس الشرف الوضيع كالشرف الرفيع الذي تراق على جوانبه الدم..