الديمقراطي بثياب الديكتاتوري

 

يبدو أنني لا أبعد عن الحقيقة كثيرا إذا وصفت( حكامنا )   الرؤساء –  رئيس الجمهورية –  ورئيس الوزراء –  ورئيس البرلمان ورؤساء الكتل والأحزاب  اليوم بهذا التوصيف : الديمقراطي بثياب الديكتاتوري .

فالديمقراطية المتداولة في السوق السياسي هي ديمقراطية زائفة بل هي برقع يتخفى تحته ديكتاتوري شرس له أنياب وأظافر ، وله أعوان تحت مسميات شتى.

هي إذن ديكتاتورية مكتومة ولكنها تظهر في وسائل إعلام السلطة والأحزاب على أنها ديمقراطية وحرية ، ومن جراء هذا السلوك ، السلوك السياسي الخاطئ بتنا اليوم في محنة لانُحسد عليها .

فالشعب ينادي بالإصلاح والسياسي يقف بوجه الإصلاح ويطرح بديله مشروعا ترقيعيا لا يسمن ولا يغني عن جوع .. كما هو الحال بالتوقيع على وثيقة تشرع للمحصاصة .

إن الواجهة الديمقراطية المفترضة  هي البرلمان بحد ذاتها هي واجهة ترقيعية لا أكثر..

فهي تتستر على سلوكيات السياسي الحاكم وتسوّغ مواقف رؤساء كتلها وقوائمها وحسب . فلم نرَ لها أثراً استطاعت به أن ترضي الشعب الذي كان يأمل منها أن تمثله تمثيلاً صادقاً وحقيقيا .

ولجانها المشكلَّة تذر الرماد في العيون بمُساءلات تبقى حبراً على ورق ، إذ لم تجرأ على ملاحقة وزير أو مقاول  فاسد سرق ما سرق ، ولم تحاسب وزيرا  أو وكيلا على قرار خاطئ ، ولم تُسائل رئيس على قرارات جائرة .

إن انتفاضة البعض من النواب والمطالبة بإقالة الرئاسات الثلاث ، وإعلان الاعتصام المفتوح داخل قبة البرلمان احتجاجا ، كلها أدلة  دامغة تؤكد أن أعضاء البرلمان تيقنوا أن كل الذي حدث والذي يحدث  الآن ومنذ السنوات الأولى للتغيير الأمريكي هو لعبة تبادل الوجوه ،وزير يفشل في هذه الوزارة ينقل إلى وزارة أخرى ، ومدير عام يفشل في منصب ينقل إلى منصب آخر وهكذا دواليك تحت ستار ديمقراطية مهلهلة.

أما صيحات الاحتجاج من شعب يشعر بوطأة تراكمات السلطة وقهرها فلا أذن صاغية ولا من مُستجيب لا من السلطة التي تحكمه ولا من البرلمان الذي يمثله ..!! وكأن البرلماني الذي  اعتصم يوم الثلاثاء تحت قبة مجلس النواب يمر الآن بصحوة ضمير وعليه قرر –  البرلماني المعتصم –  أن يكفر عن خطيئته وعن الذنب الذي ارتكبه عندما أعطى ظهره للمتظاهرين والمعتصمين في  بغداد والمحافظات .

أقول : هل يبقى المواطن ضحية واقع أليم بلغت فيه معاناته حدها الأعلى فهو يتجرع مرارة ديمقراطية مبرقعة بثياب ديكتاتورية مقنعة ..؟؟ .

 وأتمنى أن لا يأتي اليوم الذي نبحث فيه عن الرؤوس المدفونة في الرمل …